مكتبة الأدب العربي و العالمي

بنات_الحطاب_والغزاله_الجريحه الجزء الخامس والاخير

قالت المرأة واسمها زينة : حسنا سآتي معكم ،ثمّ تركت صانعا صغيرا في الدّكان ، ومشوا حتى وصلوا إلى زاوية، فرأوا زينب واقفة ،وقد شحب وجهها ،قالت المرأة :لا بد أن نستعمل الحيلة وإلا منعنا أهل الزاوية لأنّهم يعتقدون أنّها إبنة الدّرويش ،والحلّ أن تجرون جميعا إليها ،وتأخذونها معكم ،وأنا سأتصرّف !!! فوجئ الدّرويش بستّة بنات يتحلّقون حوله ،ثمّ يسحبون زينب ويجرون معها ناحية الحطاب والمرأة ،فصاح الدّرويش :لقد هربت إبنتي!!! ولمّا جاء النّاس ،وجدوا الحطاب وزينة ،وهم يحضنون البنات السّبعة، وكلّهن متشابهات لهنّ نفس الشّعر والعينين ،فواصلوا الجري في الزّقاق ، ،ولمّا حاول الدرويش الإقتراب من زينب نزع الحطاب حذاءه ،وكذلك زينة والأخوات، وانهلوا عليه ضربا ،فهرب ،وهو يسبّ ويلعن .
فرح الحطّاب فرحا شديدا ،وكانت زينة أيضا فرحة كأنهنّ بناتها ،فقال لها ما رأيك أن نتزوج، وتأتين للعيش معنا في قريتنا ؟ أجابت: ودكّاني الذي أكسب منه قوت يومي كيف سأتركه ؟ قال الحطاب : لنا خير كثير ،وستكسبين رزقك من بيع الزبدة والجبن !تردّدت قليلا ،لكن البنات تعلّقن بأثوابها ،وقلن لها تعالي معنا، فنحن نحبّك ،وبفضلك أنقذنا زينب ،فلم تقدر أن تقاوم دموعهن ،وقالت أنا لم أرزق بأبناء، ولذلك طلقني زوجي وسأعطيكنّ الحبّ والحنان هذا وعد منّي .أقام الحطاب عرسا كبيرا حضره كل أهل القرية ،وفرح الجميع برجوع زينب ،وقدّموا لها الهدايا ،والحلوى،وكان زينة إمرأة طيّبة القلب، فأحبّتها جميع جاراتها،وعاشت البنات في سعادة،وازداد جمالهنّ .
هذا ما كان من أمرهنّ ،أمّا زوجة أبيهنّ كنزة، فلمّا عضّها إبنها صرخت ،وقالت له: هل هذا جزائي أيها الأحمق؟ تريد أكل أمّك !!! فتح الولد عينيه ،وحملق فيها، ثم أجابها أحقا أنت أمّي؟ قالت :له وأبوك هو الحطاب الذي له سبعة بنات، لا يمكن أن تنسى ذلك فلقد كنت تكرههم ،حكّ الولد رأسه ،ثمّ قال: لقد بدأت أتذكّر الآن، وتلك الغولة أجبرتني على أكل الثّعابين وحيوانات صغيرة أخرى حتى نسيت حالى ،وصرت غولا، لكنّي لا أريد البقاء هنا أريد أن أرجع إلى اليبت!!! لكن أمّه قالت: وكيف سنجد طريقنا وسط هذه الغابة ؟ أجابها كلما أخرج للصّيد أرى درويشا قرب بئر ماء ،وهو شخص ملعون حتى الأغوال تخاف منه ،سأنتظر حتى ينام وأقبض عليه .
في الليل تسلّل إبن المرأة ،وإسمه عثمان ،وأمسكه من عنقه ،وأفاق الرّجل مذعورا ليجد أمامه ولدا يداه أقوى من الحديد ،وعبثا حاول أن يخلص نفسه لكنه لم ينجح ،فقال له ماذا تريد ؟ فأنا لا أملك شيئا !!! أجاب الولد :إذا أريتني كيف أخرج من هذه الغابة، سأتركك في حال سبيلك ،ردّ الدّرويش : حسنا دعني أجمع حاجياتي ،ولمّا إنحنى، سقط من جيبه سوار الغولة الفضي ،فالتقطه عثمان ،وتأمّله ،ثم صاح في وجهه :إن لم تقل لي كيف حصلت عليه سيكون حسابك عسيرا !!! فقال له: لقد كان مع بنت صغيرة إسمها زينب ،و أخذتها معي للمدينة، لكن تمكنت أخواتها السّتة من إنقاذها ،وكان أبوهم معهنّ وأيضا امرأة جميلة ،إغتاضت كنزة ،وقالت :لقد طلّقني ذلك اللّعين إذن، الويل له !!! قال الدّرويش: سأساعدك مقابل أن تعطيني زينب ،وسأضربها حتى أسلخ جلدها عقابا لها ،فأومأت له بالموافقة .
مشى الثّلاثة في دروب ضيّقة بين الأشجار حتى خرجوا من الغابة ،وبعد قليل وصلوا أمام دار الحطاب عمر التي أصبحت كالقصر ،رأى الولد عثمان الزّريبة ،فقال عندي فكرة ،سأطلق الأبقار ولمّا يسمع الحطاب أصواتها سيخرجون وعندئذ سأقضي عليه ،وقالت أمّه، وأنا سأخنق زوجته بيدي، أمّا البنات السّبعة سنربطهم بحبل ونسلّمهم للدرويش ،والدّار والمواشي ستصبح ملكا لنا، ونصير من الأغنياء ،لكن زينب كان لها عجل صغير، ولا تنام إلا بعد أن تطعمه ،وتطمئن عليه ، وفجأة نهض العجل ،وأوقف أذنيه ،فقالت له :ما بك؟ فجرى إلى الباب، ولمّا أطلّت من الشّق ،رأت عثمان يقترب بحذر ،وفي يده فأس كبيرة، وقد لاح الشّر في وجهه ،وورائه أمّه، والدّرويش ،فعرفت أنّهم قدموا للإنتقام ،وأنّ عائلتها في خطر .
فأمسكت إناءا معدنيا ،وبدأت تضرب عليه بقوّة ففزعت الأبقار،ودفعت الباب ،وخرجت تجري في كلّ مكان فرفست عثمان تحت أقدامها ،وهربت كنزة والدّرويش لكنّ الأبقار لحقتهما بسرعة،ورفستهما، ولمّا سمع الحطاب الضّجة خرج مذعورا ،فرأى كنرة وإبنها والدّرويش على الأرض ،فرماهم في حفرة بعيدة ،ودفنهم ،وقال :لقد نلتم جزاءكم ،والخير هو الذي ينتصر في النّهاية،ومن حفر حفرةًً  لأخيه وقع فيه …

من قصص العالم الاخر واقعية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق