اخبار العالم العربي

أثر مبادرة حوكمة المنظمات غير الربحية وتصنيفها “مكين” بالمملكة العربية السعودية

بقلم/يوسف محمد داهم

الحوكمة اسم لامع في عالم القطاع الخاص بالرغم من أنه لا يُعرف لبدء آلياته ونظمه تاريخ محدد، إلا أن كل الباحثين متفقين أنها جاءت كضرورة للقضاء على الفساد والمساهمة في دفـع عجلـة الازدهار الاقتصادي الناتـج مـن جـذب الاستثمارات المحليـة والدوليـة مــن خــلال بنــاء الأطر التشـــريعية والتنظيميـــة لحفـــظ حقـــوق المســـاهمين والأطراف المعنيـــة.
ونظراً لأثر الحوكمة في قطاع الأعمال فيما يخص حفظ حقوق المساهمين وتحقيق العدالة والشفافية، جاءت فكرة حوكمة القطع غير الربحي كونه مشابهاً للقطاع الخاص فيما يتعلق بوجوب حفظ مال المتبرعين وإخضاع العاملين فيه للمساءلة بما يحقق التنمية الاجتماعية، ومع انطلاق رؤية 2030 عام 2016 حرصت الرؤية على التأكيد على دور القطاع غير الربحي كمكون أساسي في التنمية ، وأطلقت برنامج مكين لحوكمة المنظمات غير الربحية وتصنيفها .

وضعت مبادرة مكين على عاتقها -منذ انطلاقها- مسئولية تحديد الفجوات في القطاع غير الربحي وتوجيه المجتمع نحو فرص التنسيق والاستثمار الاجتماعي في القطاع وقيام المجتمع بدوره في مساءلة جمعيات القطاع غير الربحي وتمكين الجامعات والمراكز من إجراء الدراسات والأبحاث التطويرية وإثبات فاعلية الجمعيات أمام الجهات المنظمة وتحسين الصورة الذهنية للقطاع غير الربحي. إضافة إلى تمكين الوزارة من التحول إلى الإدارة المبنية على المعلومات وإيجاد آلية مستدامة لتقييم أداء الجمعيات، وقد تضمنت مبادرة مكين استحداث نظام يصنف ويقيم مؤسسات القطاع غير الربحي استنادا إلى ثلاثة معايير رئيسية هي: السلامة المالية، الامتثال والالتزام و الشفافية والإفصاح.
ولعل من المناسب استعراض صوراً من أثر ونتائج هذه المبادرة بعد مرور 5 سنوات من انطلاقها عام 2017م على المستوى الوطني و على القطاع غير الربحي بمكوناته من الجمعيات الخيرية والمؤسسات المانحة .
فقد ساهمت مبادرة لحوكمة المنظمات غير الربحية وتصنيفها في تحسين صورة المملكة العربية السعودية دولياً بشكل ملموس، حيث حقق القطاع غير فـي المملكـة العربيـة السـعودية فـي تقيـم مجموعـة العمـل المالـي (FATF) نتيجــة LCوالمقصــود بهــا largely compliant وتعـنـي “متوافــق إلــى حــد كبــير” مــع متطلبــات التقييم.
وتعتـبر هـذه النتيجـة ثانـي أفضـل نتيجـة فـي التقييم والأعلـى منهـا Cوهـي compliantوتعـي “متوافـق ، مع العلم أن درجة “متوافق ” لم تحققها سوا دولتين .
و على صعيد آخر وفرت مبادرة مكين معلومات مهمة ووفيرة مبنية على بيانات دقيقة عن واقع العمل في القطاع غير الربحي أسهمت في تحديد الاحتياجات التنموية والتطويرية للجهات غير الربحية ، كما أن المؤسسات ومراكز البحث -اليوم – تعتمد بشكل كبير على مخرجات زيارات الحوكمة التي تم تنفيذها على أكثر من 1000 جمعية ومؤسسة أهلية ، وأصبحت الجهات الحكومية اليوم ترتكز على التقارير الصادرة من مبادرة مكين في رسم وتنقيذ تدخلاتها في تنمية القطاع غير الربحي .
وعند النظر في التحديات التي كانت تواجه المانحين فيما يتعلق بأولوية المنح للجهات الربحية، فإننا نجد اليوم المؤسسات المناحة تعتمد بشكل كبير على تقرير حوكمة الجمعيات في منحها، وهذا بدوره سهل قرار المنح وسرع حصول المعلومات عن الجمعيات المتقدمة للمنح.
و على صعيد الجمعيات الأهلية نفسها فإننا نجد اليوم أن الجمعيات أكثر وعياً بأدبيات العمل المؤسسي، وأكثر وعياً بحفظ ممتلكات المجتمع وسمعة وصورة الجمعية الذهنية، كما ساهمت تقارير الحوكمة في تحسين صورة الجمعيات بشكل عام، حيث وضح تقرير حوكمة المنظمات غير الربحية مكين لعام 2020، التزام الجمعيات بشكل كبير بالامتثال والالتزام باللوائح والأنظمة.
أخيراً، فإننا لا نستطيع إغفال أثر مبادرة مكين على المجتمع في تعزيز أساليب أحقية مساءلة المجتمع لمنظمات القطاع غير الربحي وتحسين الصورة الذهنية لمؤسسات القطاع غير الربحي من خلال ما حققته الجمعيات من ممارسة متقدمة في الشفافية والإفصاح مما عزز عند المجتمع قبول هذه الجمعيات وحفزها بشكل أكبر للتبرع ومساعدة الجمعيات .

مستشار مساعد – بناء الطاقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق