مقالات

اهلا رمضان بقلم علي الشافعي

image
اهلا رمضان بقلم علي الشافعي
في مدينتنا الفاضلة ـــ يا دام عزكم ــ يبدا الشهر الفضيل قبل حوالي اسبوعين من موعده الرسمي , وذلك بترويج التجار لسلعهم الرمضانية ؛ من جوز ولوز وفستق وبندق , وعصائر وفطائر وشطائر . اما اصحاب المطاعم فيتفننون في الترويج للمُحمّر والمُقمّر والُمشمّر , ولأطباق الارز باللحم والدجاج المشوي على الفحم , والمندي والمظبي والمسقوف والملفوف والمنتوف . وتدور عجلة المطابع لتصدر نشرات دعائية بأسماء المطاعم والمولات , والاسعار التشجيعية والاسعار التنا فسية التي تقدمها على عروضها . ثم تبدا الحكومة عبر وسائل اعلامها الرسمية والمساعدة والمساندة ـــ وكأننا في معركة ـــ تتحدث عن جاهزيتها لمواجهة هذا الشهر الفضيل , وان المخزون الاستراتيجي يكفي لتجاوز هذه الازمة , وانها ستطرح في الاسواق اطنان من اللحوم الحمراء والبيضاء , وانها ستضبط الاسواق وتحاكم المتلاعبين بالأسعار .
ويفرح المواطن لشعوره بان الحكومة تقف الى جواره وستنصفه من جشع التجار وتلاعباتهم , فينزل الى السوق امنا مطمئنا مصدقا لكل ما اعلن من جميع الجبهات , ليجد ان ما يراه غير ما يسمعه .
العائلة ايضا يجب ان تعمل خطة طواري لمواجهة نهار رمضان الطويل وليله , فلا بد من تفقد كابلات الرسيفرات واللواقط , والاطمئنان على ان كل شئ يعمل بكفاءة عالية , ثم تنزل الى الاسواق فلا تبقي ولا تذر, من مواد غذائية ولحوم وعصئر وتسالي وحلويات رمضانية .
يبدا الشهر الفضيل رسميا بإعلان ثبوت رؤية الهلال , فتضج المدينة بحركة غير اعتيادية , ويبدا التهافت على المخابز والمطاعم والبقالات لتامين وجبة السحور , ويتحلق افراد الاسرة حول الفضائيات , وكل بيده ورقة وقلم ليسجل مواعيد البرامج التي يرغب بمشاهدتها من خلال الدعاية تلك الليلة . يتسحر الجميع وينامون , وفي الصبح ينطلق كل الى عمله متكاسلا متثائبا يتمطى , فيكون اداؤه ذلك اليوم ربع ادائه في ايام ما قبل رمضان , سواء كان طالبا او موظفا او عاملا . قبيل الافطار تعج المدينة مرة اخري بحركة غير عادية , طوابير على كل شيء ؛ على المخابز ,على المطاعم ,على بائع القطايف , على الحلويات وعلى المواصلات , طوابير! طوابير! طوابير! حتى انه اصبح يحق لنا ان نطلق عليها ام الطوابير.
في رمضان عندنا ــ ايها السادة الافاضل ــ يقع العبء الاكبر من العمل في اغلب الاسر على كاهل المرأة اقصد (الزوجة او الام ) , حيث يقع عليها عبء تجهيز اكثر من صنف من اصناف الطعام والحلويات والعصائر , لترضي اذواق جميع افراد العائلة , اضافة الى ان عليها ان تحتمل غلاظات ابي العيال , وتردده على المطبخ اكثر من خمسين مرة ليطمئن على سير العمل , ويتدخل في كل شيء حتى الملح والبصل , ولابد ان يسمعها موشحا صاخبا عن ولده الذي ارسله الى السوق في طلبٍ ما , وان هذا الفتى كسول ودائم التأخر واينما يوجهه لا يأتي بخير , وانها هي السب , اذ لولا دلالها لكان وضعه مختلفا , فإذا ما اعترضت , وبحجة انه صائم يكيل لها الصاع عشرة , وربما يتطور الامر لحد الضرب او الطرد او الطلاق , وكم من امرأة طردت الى بيت ابيها قبيل الافطار , ليعود ويرسل الوساطات بعد ذلك ويبدي الندم على ما صدر منه “فهو صائم” .
على الام ايضا يقع عبء تجهيز المائدة ورص اطباق الطعام عليها , ثم جمع الاطباق بعد ذلك وتفريغها وتنظيفها , وان قامت احدى البنات لمساعدتها ؛ قامت متبرمة متجمّلة ؛ تسْلُق عملها سلقا وتُـعَـفْشِـك الدنيا , وتعود مسرعة لتشاهد برنامجها المفضل , او تتابع الواتس او الفيس . تنهي الام عملها منهكة تعود الى الصالون فتجلس متهالكة على اول كنبة تجدها , وماهي الا دقائق حتى تغط في نوم عميق استعدادا لوجبة السحور .
يجلس الزوج عادة عند الافطار في مكان استراتيجي يشرف من خلاله على السفرة برمتها ويستطيع من مكانه تناول ما يشاء كيف يشاء , وفي الوقت ذاته يتابع برنامج “رمضان معنا احلى ” . بعد الافطار يؤدي كل واحد من افراد الاسرة (عدا الام) ما عليه من واجبات متثاقلا وعلى عجل , ثم يجلس لمتابعة البرامج الترفيهية والمسلسلات التي تتحفنا بها الفضائيات المختلفة , وهكذا دواليك حتى اذا ما انقضى الشهر الفضيل يكون قد ذهب بحسناته وما ترك لكثير من الناس سوى الجوع والعطش . تحية لكم , رمضان كريم , وطابت اوقاتكم .في مدينتنا الفاضلة ـــ يا دام عزكم ــ يبدا الشهر الفضيل قبل حوالي اسبوعين من موعده الرسمي , وذلك بترويج التجار لسلعهم الرمضانية ؛ من جوز ولوز وفستق وبندق , وعصائر وفطائر وشطائر . اما اصحاب المطاعم فيتفننون في الترويج للمُحمّر والمُقمّر والُمشمّر , ولأطباق الارز باللحم والدجاج المشوي على الفحم , والمندي والمظبي والمسقوف والملفوف والمنتوف . وتدور عجلة المطابع لتصدر نشرات دعائية بأسماء المطاعم والمولات , والاسعار التشجيعية والاسعار التنا فسية التي تقدمها على عروضها . ثم تبدا الحكومة عبر وسائل اعلامها الرسمية والمساعدة والمساندة ـــ وكأننا في معركة ـــ تتحدث عن جاهزيتها لمواجهة هذا الشهر الفضيل , وان المخزون الاستراتيجي يكفي لتجاوز هذه الازمة , وانها ستطرح في الاسواق اطنان من اللحوم الحمراء والبيضاء , وانها ستضبط الاسواق وتحاكم المتلاعبين بالأسعار .
ويفرح المواطن لشعوره بان الحكومة تقف الى جواره وستنصفه من جشع التجار وتلاعباتهم , فينزل الى السوق امنا مطمئنا مصدقا لكل ما اعلن من جميع الجبهات , ليجد ان ما يراه غير ما يسمعه .
العائلة ايضا يجب ان تعمل خطة طواري لمواجهة نهار رمضان الطويل وليله , فلا بد من تفقد كابلات الرسيفرات واللواقط , والاطمئنان على ان كل شئ يعمل بكفاءة عالية , ثم تنزل الى الاسواق فلا تبقي ولا تذر, من مواد غذائية ولحوم وعصئر وتسالي وحلويات رمضانية .
يبدا الشهر الفضيل رسميا بإعلان ثبوت رؤية الهلال , فتضج المدينة بحركة غير اعتيادية , ويبدا التهافت على المخابز والمطاعم والبقالات لتامين وجبة السحور , ويتحلق افراد الاسرة حول الفضائيات , وكل بيده ورقة وقلم ليسجل مواعيد البرامج التي يرغب بمشاهدتها من خلال الدعاية تلك الليلة . يتسحر الجميع وينامون , وفي الصبح ينطلق كل الى عمله متكاسلا متثائبا يتمطى , فيكون اداؤه ذلك اليوم ربع ادائه في ايام ما قبل رمضان , سواء كان طالبا او موظفا او عاملا . قبيل الافطار تعج المدينة مرة اخري بحركة غير عادية , طوابير على كل شيء ؛ على المخابز ,على المطاعم ,على بائع القطايف , على الحلويات وعلى المواصلات , طوابير! طوابير! طوابير! حتى انه اصبح يحق لنا ان نطلق عليها ام الطوابير.
في رمضان عندنا ــ ايها السادة الافاضل ــ يقع العبء الاكبر من العمل في اغلب الاسر على كاهل المرأة اقصد (الزوجة او الام ) , حيث يقع عليها عبء تجهيز اكثر من صنف من اصناف الطعام والحلويات والعصائر , لترضي اذواق جميع افراد العائلة , اضافة الى ان عليها ان تحتمل غلاظات ابي العيال , وتردده على المطبخ اكثر من خمسين مرة ليطمئن على سير العمل , ويتدخل في كل شيء حتى الملح والبصل , ولابد ان يسمعها موشحا صاخبا عن ولده الذي ارسله الى السوق في طلبٍ ما , وان هذا الفتى كسول ودائم التأخر واينما يوجهه لا يأتي بخير , وانها هي السب , اذ لولا دلالها لكان وضعه مختلفا , فإذا ما اعترضت , وبحجة انه صائم يكيل لها الصاع عشرة , وربما يتطور الامر لحد الضرب او الطرد او الطلاق , وكم من امرأة طردت الى بيت ابيها قبيل الافطار , ليعود ويرسل الوساطات بعد ذلك ويبدي الندم على ما صدر منه “فهو صائم” .
على الام ايضا يقع عبء تجهيز المائدة ورص اطباق الطعام عليها , ثم جمع الاطباق بعد ذلك وتفريغها وتنظيفها , وان قامت احدى البنات لمساعدتها ؛ قامت متبرمة متجمّلة ؛ تسْلُق عملها سلقا وتُـعَـفْشِـك الدنيا , وتعود مسرعة لتشاهد برنامجها المفضل , او تتابع الواتس او الفيس . تنهي الام عملها منهكة تعود الى الصالون فتجلس متهالكة على اول كنبة تجدها , وماهي الا دقائق حتى تغط في نوم عميق استعدادا لوجبة السحور .
يجلس الزوج عادة عند الافطار في مكان استراتيجي يشرف من خلاله على السفرة برمتها ويستطيع من مكانه تناول ما يشاء كيف يشاء , وفي الوقت ذاته يتابع برنامج “رمضان معنا احلى ” . بعد الافطار يؤدي كل واحد من افراد الاسرة (عدا الام) ما عليه من واجبات متثاقلا وعلى عجل , ثم يجلس لمتابعة البرامج الترفيهية والمسلسلات التي تتحفنا بها الفضائيات المختلفة , وهكذا دواليك حتى اذا ما انقضى الشهر الفضيل يكون قد ذهب بحسناته وما ترك لكثير من الناس سوى الجوع والعطش . تحية لكم , رمضان كريم , وطابت اوقاتكم .

مقالات ذات صلة

إغلاق