تناقلت بعض الصحف ووسائل التواصل الإجتماعي أن مستشار أحد الوزراء طرد وكيل الوزارة ووكيلاً مساعدا من اجتماع كان يحضره الوزير.
وحسب المتعارف عليه في المجال الإداري والتنظيمي فإن دور واختصاص المستشار يقتصر على النصيحة والمشورة والإرشاد لمتخذ القرار ورأي المستشار غير ملزم للمسؤلين، ولكن المصيبة أنه في هذا البلد أصبح المستشار مُتَّخِذ قرار وأصبح المدير أوالوزير أو الوكيل مستشار اً وتابعا للمستشار.!!
ساتطرق لبعض الأسباب التي أوصلتنا لأن يتحكم بعض المستشارين في مفاصل بعض الجهات الحكومية الحساسة التي يعملون بها وبالتالي يصبح المستشارون يتحكمون بالقرارات المهمة في هذه الجهات.
فيا ترى ماهي الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة؟! هل هو جبروت هؤلاء المستشارين؟! أم ضعف المدراء والوكلاء والوزراء؟! وإذا كان السبب هو ضعف المسؤولين في هذه الجهات، فماهي أسباب ضعف المسؤولين أمام هؤلاء المستشارين؟! هل هو نقص بالتأهيل والتعليم والتدريب ؟ أم خوف من سيطرة وجبروت هؤلاء المستشارين؟! هل سبب الخوف هو امتلاك هؤلاء المستشارين للمعلومات المهمة والحساسة أو أنه ضعف في شخصية المسؤولين والقياديين؟!
وهل تعيين هذه النوعية من المستشارين واستمرارهم في أعمالهم ومهامهم لهذه السنوات الطويلة يتم على أسس قانونية و إدارية وتنظيمية سليمة ؟!
هناك العديد من التبريرات و التفسيرات ولكن لا يزال الأمر يحتاج لمعرفة الأسباب الحقيقية لهذا المرض الإداري المستشري في جهازنا الحكومى، فهل نجد الإجابة
الشافية من أهل الاختصاص حتى تسير التنمية الإقتصادية والإجتماعية والإدارية في الإتجاه الصحيح، ونحافظ على مؤسساتنا التعليمية والإدارية والتنموية من عبث وسيطرة بعض المستشارين المتأسديين والمتفرعنيين.أم أننا لا نملك قراراتنا الإدارية وفقدنا سيطرتنا على مؤسساتنا الحكومية والأهلية وأصبحت تدار فعليا من قبل شلة من المستشارين الذين استغلوا الظروف وكثرة التغييرات الإدارية والتنظيمية وتعدد التشكيلات الوزارية المتسارعة؟!الأمر يتطلب وقفة جادة لأننا أصبحنا نسير في نفق مظلم لا نعرف نهايته!!
إن بعض القيادات الإدارية في بعض الأجهزة الحكومية ينقاد ولا يقود ، يعشق التبعية ومغرم بالإعتماد على الغير في أغلب أعماله ومهامه !! ركن للكسل والدعة في ظل ظروف تغيب عنها أسس ومبادئ الحوكمة والمتابعة والرقابة وتقييم الأداء الوظيفي وتنعدم فيها المحاسبة والمساءلة الإدارية والسياسيةأحياناً !!
فماذا نتوقع من أداء جهاز حكومي تمارس فيه هذه الممارسات الإدارية والإستشارية ويخيم السكوت والصمت كأسلوب وقرار سياسي وإداري حتى لا يتم تكدير خواطر الأحبة والأصدقاء وزملاء النادي وجلساء الديوانية وأعضاء الحزب ومزاج أبناء العمومة من القبيلة وأبناء التكتل والطائفة وجار المنطقة والسكن وأعضاء مجلس الأمة وجليس الوزير ومرافقي بعض الشيوخ ومراعاة لخاطر التاجر المتنفذ وصديق سمسار العقار المتزلف.
إنه منطق الترضيات والإصطفاف ومراعاة المشاعر والخواطر على حساب تنمية البلد وأمنه واستقراره وازدهاره.!!
فإلى متى نستمر في مراعاتنا للخواطر على حساب الوطن والمواطنين أتمنى أن لا ننتظر طويلا فقد تخلفنا بما فيه الكفاية!
لذا يجب أن نميز بين من يريد من هؤلاء المستشارين الكويتيين والأجانب أن يخدم نفسه ومن حوله من القيادات الخاملة وبين ومن يريد أن يخدم الكويت وأهلها ويؤدي أعماله بالأمانة والصدق، ويجب على المدراء وقيادات الجهاز الحكومي أن يمارسوا مسئولياتهم وصلاحياتهم بشفافية ومصداقية حتى لا تتداخل الإختصاصات الإدارية والإستشارية وتتفاقم الفوضى الإدارية في أجهزتنا الحكومية وتضيع المسئولية بسبب تداخل الأدوار والمهام بين دور الإدارة التنفيذية وبين المهام الإستشارية التي توكل للمستشارين سواء كانوا أفرادا أوبيوتاً استشارية متخصصة.
ودمتم سالمين.
د. محمد الدويهيس
www.alduwaihees.com