هناك حكمة شهيرة تقول «إن النجاح في العلاقات الإنسانية يكمن في إتقان فن المسافات فلا تقترب إلى حد إبصار العيوب ولا تبتعد إلى حد نسيان المحاسن». العلاقات الإنسانية بطبيعة الحال متغيرة ولا تثبت على حالة واحدة ومن هنا فهي تحتاج في بعض الأوقات إلى بعد الطرفين عن بعضهما بعضاً ومراجعة الذات والتصرفات، ومن هنا ينصح علماء النفس في بعض الأحيان الأزواج بما يسمى بالإجازة الزوجية التي تكسر ملل وروتين الحياة اليومية وتسهم في معرفة مزايا الطرف الآخر خلال فترة البعد عن طريق مقارنته مع المحيطين، كما أنها تزيد من الاشتياق وتجدد مشاعر الحب التي تخبو مع المسؤوليات والواجبات اليومية. وفي أحيان أخرى يحتاج الإنسان إلى الاقتراب أكثر من الأطراف الأخرى والمحيطين به من أجل تعميق العلاقة والتغلب على الجفاء الذي أصاب البعض بسبب سرعة إيقاع الحياة، وهو ما تحرص عليه الأسر الكبيرة التي يتجمع أفرادها يوم الجمعة من أجل الصلاة وتناول الغداء ومناقشة أحوال الجميع، وهي بالتأكيد فرصة مثالية لتجميع شمل الأسرة ونقل الخبرات بين الجميع. نجاح العلاقة يكمن من وجهة نظري في قدرة الفرد على استشعار أحوال المحيطين به ومحاولته التخفيف عنهم، سواء بالمشاركة الإيجابية أو الابتعاد من أجل إعطائهم فسحة من الوقت للتفكير بعمق وهدوء، لكن المشكلة الأكبر تكمن في اختيار التوقيت الخاطئ ومحاولة فرض النفس من دون مراعاة ظروف الآخرين. أخيراً، فن المسافات يحتاج إلى خبرة حياتية كبيرة ولا يتقنه إلا القليل