نشاطات

الوحي والعقل / بقلم محمد الزعبي

في صحيحي البخاري ومسلم: قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إِنَّ مَثَلَ ما بعثَنِي اللهُ به مِنَ الهدَى والعلمِ كمَثلِ غيثٍ أصابَ أرْضًا فكانت منها:
1_طائفةٌ طيِّبةٌ قبِلتْ الماءَ فأنْبتَتْ الكَلأَ والعُشْبَ الكثيرَ،
2_وكان منها أجادِبُ أمسَكتِ الماءَ، فنفَعَ اللهُ بها النَّاسَ فشَرِبوا منها وسَقَوا وزَرَعُوا.
3_وأصَابَ طائِفة منَّا أخرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمسِك ماءً ولا تُنبِتُ كلًا.

فذلك مثل مَنْ فقِه في دينِ اللهِ، ونفَعه بما بعثني اللهُ به، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثل مَنْ لم يَرفَعْ بذلك رأسًا، ولم يقبلْ هُدَى اللهِ الَّذي أُرْسِلتُ بِهِ»

📌هذا الحديث هو من الأحاديث الأمهات التي تفرض علينا أن نظرتنا لعلاقتنا بالوحي:

أولاً، الحديث يشبه الوحي بالماء الذي هو وسيلة للحياة وليس غاية، فالغاية هي الحياة والدين وسيلة.

ثانياً، العقل المتلقي هو التربة التي ينبغي أن تكون خصبة للتفاعل مع الوحي، فلا بد أن نقرأ الوحي بعقول مثقفة بالمعارف اللغوية والشرعية والفلسفية.. بعقول غنية بالتجارب والمعارف الإنسانية على مستوى الإبستمولوجيا (نظريات المعرفة) والسوسيولوجيا (نظريات علم الاجتماع) والسيكولوجيا (نظريات علم النفس)

ثالثاً، الدين العملي ليس وحياً محضاً (كتاب وسنة) فالكلأ والعشب (الدين المتمثل بازدهار حضاري ومعرفي) ليس هو الماء (الوحي) وليس هو التربة (العقل) بل هو نتاج التفاعل الصحيح بين الوحي الصافي والعقل المهيأ المدرك لحاجات الإنسان والعصر والمجتمع.

رابعاً، المتلقون للوحي ثلاثة أصناف حسب الحديث:
1_صنف تفاعل بعقله الواعي إنسانياً واجتماعياً، فأنتج نموذجاً قادراً أن يستفيد من عوامل حياته وعصره ليثمر حضارة تمنح الإنسان حياة لائقة (وهؤلاء هم الأمل الموعود بإذن الله)
2_صنف حفظ النص واعتنى به (حسب مقاربته) ولكنه بسبب غيابه عن ظروف عصره وتجاربه ومعارفه لم يستطع أن يثمر، بل سيأتي آخرون يستثمرون هذا الماء الزاخر بالحياة، وهؤلاء ليسوا شيئاً إلا أن يقفوا عائقاً أمام المعرفة والوعي، ولذلك أهملهم في آخر الحديث، ولم يذكر غير الصنف الأول والأخير (فذلك مثل من فقهَ…) وللأسف ما زلنا عموماً من هذا الصنف نتحدث عن تفاعل السلف، ونعجز أن نقدم نموذجاً صالحاً للحياة.
3_والصنف الثالث من رفض الرسالة ابتداءً.
https://www.facebook.com/groups/122982414628/?ref=share

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق