الرئيسية

في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة…تعالوا نفتح أبواب السجون وننقذ ضحاياها.

ورقة عمل أعدتها الأسيرة المُحَرَة : دعاء الجيوسي

نقلا عن مركز حنظلة

يوافق الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ولهذه المناسبة التي تَحُل وتنقضي بمراسم وطقوس إحتفالية لا أكثر جذر تاريخي يعلمه الكثير حيث ترتبط بإغتيال الشقيقات باتريسيا وماريا ومنيرفيا ميرابال في جمهورية الدومينكان علي يد النظام الحاكم في مثل هذا اليوم عام 1960 ولسنا هنا بمعرض تشريح الحالة السياسية والحقوقية في البلد المذكور أو العالم في تلك الأثناء؛ ومع إجلالنا لدماء الشقيقات الثلاث ومآثرتهن وحقهن في التكريم إلا أننا وإن نظرنا للقضية برمتها من زاوية أو زوايا آخرى نجد أن في شرقنا المُستباح ألاف القصص لحالات عنف بشتى أنواعه مورست ضد النساء وإن ضيقنا دائرة البحث قليلاً ربما نَصدِم القارئ بوقائع القمع المجتمعي والسياسي والطبقي والجندري الذي مورس ضد المرأة في بلادنا بدءً من الحكم التركي وزمن الحرملك والرق المنظم الذي مورس ضد المرأة سيان تلك التي كانت تحيا في وسطها الإجتماعي الأصلي أو التي إقتيدت للأسر وما تلاه من تسليع للجسد والروح في أسواق الرقيق، و صولاً لحقبة الإحتلال البر..يطاني وما دونته الذواكر كتابةً أو تناقلته مشافهة عن ما إِقتُرِفَ خلاله من قمع مركب صبته قوة الإحتلال على المجتمع الفلسطيني رجالاً ونساءً ومارسه الرجال بدورهم على النساء وصولاً لإنطلاق حملة الإ..بادة والت..طهير العرقي التي أطلقتها الحر.كة الصهيو…نية على أرض فلسطين ووقع ضحيتها الشعب برمته من الجنسين وإن كان ما نال المرأة من أحداث هذه الجرائم وتداعياتها أكثر قسوةً ومرارة بسبب تداخله مع القمع المجتمعي والعنف الذكوري الذي لم تَخٍفَ حدته خلال مرحلة المجازر والتهجير وحياة الشتات واللجوء ، وفي هذا المقام يوجد الكثير ليُوثَق ويُلتَقط من الشفاه ليدون ولكن بحكم التجربة الشخصية أجدني مشدودة لإفراد ورقتي هذه لتسليط الضوء على واقع النساء الأسيرات داخل سجون الإحتلال إذ تُشير المعطيات إلى أن دولة الإحتلال إعتقلت أكثر من 20 ألف إمرأة وفتاة فلسطينية منذ إقامتها عام 1948 – وهنا تبدو الأرقام تقريبية نظراً لغياب المراجع أولاً ولإختلاف المقاييس التي يمكن من خلالها تصنيف المرأة كأسيرة مُحَررَة ثانياً- ولكل هذه الألوف التي دخلت السجون تجارب متشابهة لجهة تعرضهن للعنف بشتى أشكاله ناهيك عن إستلاب حقوقهن التي أقرتها المواثيق الدولية كمناضلات حرية وأسيرات حرب ( علماً أن أعداداً كبيرة من هؤلاء المعتقلات إختطفن وعذبن وإِنتُهِكت حقوقهن دون أن يُثبَت أن لهن أي علاقة بنشاط عسكر..ي أو سياسي مُعادي للإحتلال ما يعني أن القوانين كفلت عدم إعتقالهن أساساً أو إطلاق سراحهن فوراً إن حدث الإعتقال).
عموماً ومن باب الأمانة العلمية والوطنية وكي لا تبدو ورقة عملي هذه محض إنشاء سوف أُفَصِل أشكال الإنتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات منذ لحظة الإعتقال:
أ- من ينفذ عمليات الإعتقال دائماً قوات الجيش التي تتعامل مع الأسيرة بخشونة وتمارس أقصى أنواع الع..نف الجسدي من تقيد وضر..ب ضدها وترفقه بعنف لفظي ينتهك خصوصية المرأة ويَمَسُ بمعتقدها الديني.

ب- بعد الإعتقال تُقتاد الأسيرات لمعسكرات الجيش وثكناته التي لا تحوي غرف توقيف ولا مرافق تمكن المرأة من إمضاء ساعة واحدة داخله ، مع الإشارة إلى أن الإحتجاز في هذه المعسكرات يستمر لأيام ولا يتخلله أي إستجواب أو توضيح للتهم الموجهة الأسيرة في حين يتفنن الجنود في كيل أشكال الأذى النفسي واللفظي والجسدي للموقوفات.

ج-يبدأ التحقيق مع الأسيرات في مراكز جهاز الأمن العام الصهيو…ني (الشا..باك) غير مُحَددة العناوين للأهل و للجهات الحقوقية – محلياً ودولياً – التي يحظر عليها دخولها ، وتحوي مراكز التحقيق أسيرات وأسرى دون التفريق في الإحتياجات الشخصية لكل جنس أو إفراد مرافق حياة خاصة لكل منهما على حدة.

د-يستمر التحقيق لأيام قد تصل بضعة أشهر في معظم المرات تحت ذات الظروف سابقة الذكر ويتخلله صنوف من التعذيب لا يتخيلها عقل وتتوزع كالتالي:

1- الإعتد..اء الجسدي ( ضر..ب، ش..بح، حرمان من النوم، التقيد لفترات طويلة بأوضاع تهدد سلامة الجهاز العصبي والعظام ، إستغلال الإصابات أو الأمراض للضغط الجسدي والإبتزاز بتقديم العلاج).

2-الإعتد..اء اللفظي ( توجيه السبا..ب والشتا..ئم التي تُعرض بالأخلاق والخلفية الإجتماعية ، وتَمُس المعتقد الديني).

3-الضغط النفسي ( التهد..يد بالسجن لفترات طويلة ، التلويح بهد..م بيت الأسرة وملا..حقتها في مصادر رزقها ، التلويح بإعتقال الأهل أو المساس بحياتهم ).

ه-ينصب جهد المحققين من ضباط الشا..باك (تلقوا بالأساس تدريبات على الإنخراط في الأوساط العربية ودراسة سيكلوجيتها) على إنتزاع ما لدى الأسيرة من معلومات أو إجبارها على الإعتراف بالتهم والقضايا الموجودة بحوزتهم.

و- غالباً ما يوهِم المُحققون الأسيرات بإنتهاء فترة التحقيق ليجري نقلهم بعد ذلك لزنازين توجد بها أسيرات يتخابرن لصالح الإدارة ويحاولن عبر بناء جسور الثقة إستدراج الأسيرة للإعتراف بما لديها من معلومات-يطلق الأسرى على هذه الأقسام أقسام العصافير – وتنص القوانين الدولية على إن أي معلومات يقدمها الأسير/ الأسيرة في مثل هذه الظروف لا يُمكن أن تُستخدم قرينة أو دليلاً ضده إذ يُشترط في التحقيق كي يأخذ البعد القانوني أن يُعْلَم الأسير أنه يخضع لتحقيق وأن تدون أقواله ويوقع عليها بخط يده بعد قرائتها.

ز- بعد إنتهاء فترة التحقيق تُنقَل الأسيرات للسجون -بسبب قلة عدد الأسيرات نسبياً- يجري نقلهن لسجون يعشن داخل أقسامها مع أسيرات صهيو…نيات جنائيات معتقلات أساساً على خلفية قضايا جنائية وأخلاقية أي أنهن مُتحدرات من العالم السفلي الذي ينقلنه إلي السجون فيقترفن ما يحلو لهن من الموبقات داخلها على مرأى من الأسيرات الفلسطينيات ذوات الخلفية الدينية والمجتمعية المعروفة مع ما يشكله ذلك من ضغط نفسي عليهن ، ناهيك عن إستخدام إدارات السجون هؤلاء السجينات للتن..كيل بالأسيرات الفلسطينيات في أضطهاد مُرَكب للمرأة عبر قم..عها وإستخدام سيدات من ذات جنسها لممارسة هذا القمع.

ح-قبل المُحاكمة لا يُسمح للأسيرة بإلتقاء محاميها إلا لفترات محدودة وتحت مراقبة عناصر جهاز الشا…باك.

ط- عند تقديم الأسيرات للمحاكم تُسَهِل سلطات الإحتلال دخول أعداد من الصها..ينة لقاعة المحكمة ويعمد هؤلاء لتوجيه الشتا…ئم للأسيرة أو تهديد ذويها إن تمكنوا من الحضور بالقتل والملاحقة.

ي-تُعقد المحاكم وتجري المداولات والمرافعات داخلها باللغة العبرية التي لا تفهمها الأسيرات – مع وجود مُترجم تعينه المحكمة- ويترجم ما تُريده فقط.

ك-في معظم الأحيان يتكرر عقد جلسات المحكمة للأسيرة أكثر من مرة ويتكرر عند كل جلسة مشهد الت..نكيل والتهد..يد مع ما يتخلل الطريق من وإلى المحاكم من معاناة وتعذيب جسدي ونفسي.

ل-بعد إصدار الأحكام على الأسيرات يُنقَلن للسجون ( خلال سنوات الإنتفاضة الثانية بعد العام 2000 كانت الأسيرات تحتجز في سجون الرملة ، هشارون ، الدامون ) وفيها غالباً ما يعشن داخل أقسام مُختلطة مع الأسيرات الجنائيات (جرى تناول هذه الجزئية في الفقرة ز).

م-تفتقر السجون التي ذُكِرت آنفا لأي من مقومات العيش الآدمي وتُقترف داخلها جرائم مركبة بحق الأسيرات بدءً من عدم مراعاة خصوصياتهن كإناث مروراً بحرمانهن من التشخيص الطبي والعلاج ومنعهن من التعليم وعزلهن لفترات طويلة داخل الزنازين الإنفرادية وحرمانهن من الزيارة لفترات طويلة بالإضافة للإعتدا..ءات الجسدية المُنظمة وإستخدام القوة المفرطة عند تنفيذهن أي إحتجاج للمطالبة بتحسين ظروف حياتهن ، تهد..يد الأسيرات الأمهات بتفريقهن عن أطفالهن.

*-كل ما سبق من بنود هي بمثابة شهادات حية وثَقتُ خلالها تجربتي الخاصة وتجارب أسيرات إلتقيتهن داخل السجون أو خارجها وبالإمكان تقديم شهادات أكثر تفصيلاً وعلميةً لأي جهة تريد فتح هذا الملف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق