مقالات

الاجتماع الفلسطيني تاريخي والعبرة في التنفيذ د. نزيه خطاطبه

بالرغم من كل الضغوط التي مورست على الحكومة اللبنانية لمنعه الا ان الاجتماع الفلسطيني عقد في موعده في العاصمة اللبنانيّة بيروت مساء الخميس على مستوى الأُمناء العامين في مقر السفارة الفِلسطينية وبالتوازي مع اجتماع آخَر عنعقد في مقر السلطة الفِلسطينيّة في رام الله، برئاسة الرئيس الفِلسطيني محمود عباس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين رام الله وبيروت , والذي اعتبره الغالبية من المحللين السياسيين والمراقبين تاريخيا وهاما جدا للقضية الفلسطينية والتصدي لصفقة القرن والضم ومشاريع التصفية و حملة التطبيع التي تقودها الولايات المتحدة لاستدراج المزيد من الدول العربية بعد الامارات , اضافة الى قضايا مهمة ومصيرية خاصة انهاء الانقسام وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية واصلاحها لمواجهة مشروع ايجاد قيادة بديلة جاهزة للموافقة على مشروع ترامب نتانياهو.
انعقاد الاجتماع من حيث المظهر مهم جدا بعد تعطيل متواصل بسبب الخلافات الحادة التي تعصف بالبيت الفلسطيني وبسبب رهان السلطة، والرئيس عباس، على المُفاوضات والحلول السلميّة العبثية للقضيّة الفِلسطينيّة كخيار وحيد ، ورفضه لكُلّ أشكال المقاومة , واصرار حركة حماس على التفرد في ادارة قطاع غزة وتشكيل حكومة موازية , ما تسبب باضعاف القضية الفلسطينية وتراجعها وفقدانها هيبتها ومكانتها وتراجع الاهتمام العربي والعالمي بها ما شجع العديد من الدول وخاصة العربية على التجرؤ لاقامة علاقات وحتى تحالف امني مع دولة الاحتلال الاسرائيلي بعد ان كانت تمارسها في السر .
المتحدثون في الاجتماع اجمعوا على ضرورة العمل الجاد لانهاء الانقسام ومواجهة صفقة القرن والضم والتطبيع , واصلاح منظمة التحرير والنهوض بها على أرضية برنامج سياسي يبنى على سحب الاعتراف باسرائيل والغاء اتفاق اوسلو لااغلاق الباب الذي ينفذ منه المطبعون ومواجهة التطبيع ، ولكن تبقى العبرة في التنفيذ, فليس امام القيادة الفلسطينية خيار اخر سوى النجاح في ذلك والصمود والا فان مخطط استبدالها جاهز بانتظار لحظة التنفيذ , والادوات الاخرى جاهزة والتي يمثلها دحلان بالتعاون مع رموز الفساد ومراكز القوى في اجهزة امن السلطة والذين يحظون على مساندة ودعم من قطاع واسع من رجال الاعمال والموظفين وعناصر الامن الذين لا يهمهم سوى استمرار معاشاتهم وامتيازاتهم وتسيل لعابهم للمليارات التي تعدهم الامارات بها لتحسين اوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال مقابل تنازلهم عن ارضهم وقضيتهم. حيث اعلن كوشنر مخاطبا الشعب الفلسطيني خلال زيارته الاخيرة للمنطقة “إن العالم يريد لكم حياة أفضل، لكن لا بد أن تكون لديكم قيادة قادرة على ذلك” .
صحيح ان الرئيس عباس في افتتاح الاجتماع اكد مجددا على رفض خطط الضم وعدم الموافقة على ان تكون الولايات المتحدة وسيطاً وحيداً للمفاوضات ورفضه الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي وطالب الجامعة العربية التأكيد على الالتزام بمبادرة السلام العربية التي تنص على عدم التطبيع مع إسرائيل إلا بعد إنهاء احتلالها للأراضي العربية والفلسطينية, وتاكيده على ان القرار الوطني الفلسطيني حق خالص للفلسطينيين وحدهم وتاكيده على رفض التفاوض على اساس صفقة القرن وتمسكه بالثوابت الوطنية وفق ما جاء في قرارات المجلس الوطني الفلسطيني واعلانه دعم المقاومة دون تحديدها, الا ان هذا الكلام سبق ان ردده عباس في اكثر من مناسبة ويبقى ناقصا طالما لم يقترن بالتنفيذ والعمل الجدي على التخلص من ارث اوسلو أعلن والتحلل من كل الاتفاقات مع دولة الاحتِلال وتفعيل المقاومة بكل انواعها.
المطلوب خطوات جدية تعيد للقضيّة الفِلسطينية كرامتها وهيبتها واحتِرامها، كقضيّة عادلة لشَعبٍ عظيم ليس أمامه أيّ خِيار غير مُقاومة الاحتِلال. نعم نحن لسنا ضعفاء كما اشار رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، اذا ما استعدنا وحدتنا الوطنية ورص صفوفنا واصلاح منظمة التحرير وتفعيلها وفق استراتيجية نضالية وبرنامج سياسي لمواجهة الاحتلال وانتزاعه من جذوره وليس فقط صفقة القرن وقرار الضم ومواجهة المطبعين. نحن بحاجة الى اعادة ترتيب علاقاتنا وتحالفاتنا في العالم وفي المنطقة تتبنى استراتيجية المقاومة ما يعني التحالف العلني مع قوى المقاومة والتعاون مع تركيا والدول الاسلامية والعربية الاخرى التي ترفض التطبيع وتعتبر اسرائيل وليس ايران العدو الاول والوحيد في المنطقة.
يا من تسمون انفسكم بالقيادة: انتم الان امام مسؤولية تاريخية لقضية وشعب اكبر منكم ، وعليكم ان تدركوا خطورة المرحلة المصيرية “اما ان نكون او لا نكون ” فالشعب مل الخطابات الرنانة والكلام الحماسي والشعارات بينما تستمر مأساة الاحتلال, ويتصاعد نهب الارض وتهويدها, وتحاصر المدن والقرى الفلسطينية بالمستوطنات, وتفرغ القدس من اهلها, ويستشري الفساد ويذل الشرفاء في سجون السلطة وحماس , ننتظر افعالا لا اقوال..
المصدر : التواصل الاجتماعي( مجموعة ابداع )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق