مكتبة الأدب العربي و العالمي

عندما كنت في السادسة من عمري، / سارة العقاري

عندما كنت في السادسة من عمري، كانت تجمعنا بعمي وأبناءه حياة واحدة نأكل سويا وننام سويا ونفعل كل شيء معاً حتى العمل يجمع عمي ووالدي في وظيفة واحدة، إلى جانب وظيفة أبي وعمي الحكومية، كنا نمتلك الكثير من حدائق الفاكهة والتي كان منزلنا يقع بمنتصفها تماماً لذا فقد كانت حالتنا المادية جيدة جدًا.

ذات يوم وبينما نستعد لقطف ثمار الحديقة وجدنا رجلاً لم نره من قبل، بعد ذلك أخبرنا أبي وعمي أنه عامل نظافة بالمصلحة التي يعملان بها، وأتيا به إلى هنا كي يرتزق من العمل معنا بقطف ثمار الحديقة.
ظللنا على هذا الحال أياماً، نتشارك كلنا قطف الثمار الناضجة حتى ذاك العامل أتى بأبناءه ليشتركوا معنا في العمل، ولأننا كنا صغار السن فكنا نقضي معظم وقتنا في اللعب وسط الأشجار.

لم نكن نلعب إلا لعبة”ضابط وحرامي” تلك التي أخبرنا بها ابن عامل النظافة وكان هو دائما يقوم بدور الضابط، كنا نلحظ أنه يقفز من فوق الأشجار ويتخطى حواجز الحديقة بسهولة ويقفز من فوق السور وكأنه ضابط حقيقي لطالما أخبرنا أنه سيصبح ضابط عندما يكبر، لم نكن نسخر منه لكننا لم نصدقه أبدًا!

بعد عامين من أول لقاء سافر الرجل طلباً للرزق في مكان آخر، وبالرغم من بكاءنا عند رحيله لأننا قد تعلقنا بحكايته اللطيفة وبولده الضابط الصغير الذي جعل لِلعبنا لونًا مبهجًا غير الذي كنا نعرفه إلا أننا سرعان ما نسيناه ولم نعد نذكره إلا عندما نذكر طفولتنا وحدائق الفاكهة البائدة.

بعد عشرين عاما توفى أبي، ومرض عمي، وفقدنا الحديقة وبعنا المنزل في سبيل علاجهما، وسجن أخي لاقتراضه أموالاً لم يقدر على سدادها.
بعد شهرين من حبس أخي، طُرق باب شقتنا المؤجرة وتفاجأنا بأن الطارق لم يكن سوى أخي المسجون وإلى جانبه شاباً لم نعرفه يرتدي بذلة عسكرية يعلوها ثلاث نجوم وبعد أن تبادل الجميع نظرات متسائلة عن من يكون الفتى.

إذا به يبتسم قائلا: لعلكم تذكرون طفلاً فقيراً يرتع في حديقة بيتكم القديم، لم يعنفه أو يسخر من فقره أحد، ولقد آن الآوان أن يسُدَ الدين ويرد المعروف، فالبيت القديم بحديقته قد عاد لكم والسجين أصبح بينكم، أشار إلى نفسه قائلاً وهذا الضابط في خدمتكم إلى أن يموت…#سارة_العقاري
مواقع التواصل الاجتماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق