مقالات

كيف يتحول المثقف الى طبلة؟ الدكتور علي عودة

تطورت الوسائل والطرق التي يتحول من خلالها المثقف من مبدع مستنير مستقل ! ضمير وموجه لأبناء مجتعه ! ليصبح في عشية وضحاها مجرد (طبلة) وبوق وكلب نابح مطيع للسلطان ! وقد تطورت الوسائل والأدوات والمكائد التي تستخدمها انظمة الحكم القمعية في تركيع وتدجين المثقفين والكتاب ! وتحويلهم إلى مجرد دمى وأبواق ترقص للحاكم وتردد وتتغني بما يريد ويهوى ! وهناك فئتان من المثقفين المتساقطين في شباك الحاكم وحاشيته ! فئة نصبت حولها الكمائن والمصائد فوقعت مستسلمة متضرعة ملبية ! وفئة أخرى رخيصة قليلة التكلفة لم نكلف الحاكم وحاشيته عناء كبيرا في استثمارها واستغلالها ! بل ذهبت تلك الفئة الى قدرها ومصيرها بارادتها ورغبتها ! ١- السقوط المكلف : وتحتاج أنظمة الحكم وأجهزتها إلى عناء وجهد كبير للتمكن من إسقاط هذه الفئة من المثقفين والكتاب ! رغم أنها لا تستخدم معهم نفس الوسائل والطرق ! فمن هذه الفئة من يحتاج الى نصب الكمائن السرية من خلال العاهرات والساقطات والسهرات والتصوير والتسجيل والتوثيق ! ومنهم من يحتاج الى نصب الكمائن بالمغريات والرشى والامتيازات والسيارات والعقارات والمناصب ! ومنهم من يحتاج الى نصب الكمائن بأجهزة التنصت والتسجيل والتصوير للاتصالات والأحاديث مع جهات أجنبية معادية أو مشبوهة ! بعد ذلك تقوم حاشية السلطان وأجهزته بمواجهة المثقف ووضع الوثائق والأشرطة والمستندات في حجره ! فيخر ساجدا متضرعا ملبيا لكل ما يطلب منه ! ويتحول بين عشية وضحاها الى كلب مطيع يهز ذيله كلما تحرك سيده ! بل ينبح (ويهاجم) كل من يقترب من الحاكم المستبد (العظيم) ! ٢ – السقوط اارخيص : والفئة الثانية غير المكلفة من المثقفين المتساقطين التي لا تحتاج إلى جهد كبير من أجهزة السلطان وحاشيته ! ولاضرورة مع هذه الفئة لاستخدام الكمائن السرية والاغراءات بأنواعها ! انها جماعة السقوط الرخيص ! ويكون انحياز هذه الفئة وسقوطها بين يدي الحاكم والطاغية اما نتيجة للانتماء الطائفي أو الحزبي او العرقي أو الجهوي أو القبلي ! حيث يتحول المثقف من خلالها إلى مجرد (طبلة) وبوق يردد ما يقوله الحاكم وحاشيته ! وكذلك يصبح كاتبا عنصريا مؤيدا ومروجا للاستبداد والقمع وانعدام العدالة والنزاهة في المجتمع ويدافع عن جميع أخطاء وخطايا الحاكم ! وقد يكون سبب تهاوي المثقف وسقوطه مجرد خوفه على وظيفته وراتبه المستحق من الدولة وحقه المشروع كمواطن عليها ! لكن الموظف (المرعوب) ترتعد فرائصه لمجرد تذكر من قام الحاكم بقطع رواتبهم ! ودمر حياة أسرهم وأولادهم ! فيبادر – دون أن يطلب منه أحد – ،إلى إظهار الولاء الزائد والطاعة العمياء (والتطبيل) للحاكم وحاشيته ! بل ويتحول هذا المثقف ( الرخيص) إلى مدافع شرس عن طغيان الحاكم ويكتب ويحاضر ويخطب مدافعا عن استعداد السلطان للتحالف مع أعداء الوطن والإنسان ! ويدافع كذلك عن تفريط الحاكم في الحقوق الوطنية والكرامة الانسانية ! وتبقى الفئة النادرة المتمردة ! فيحاصرها السلطان ويحرض عليها الصبيان والغلمان ! وهنا تنتفض جموع الفقراء والمقهورين وتزحف وتزمجر هادرة : لن نسمح لكم أن تنفردوا بهم ! هؤلاء منا ونحن منهم ! كانوا دائما يدافعون عنا وعن قضايانا وهمومنا ! الان جاء دورنا لنحميهم بأجسادنا وأرواحنا ! فيتراجع السلطان ويفر الغلمان والصبيان !
وتتقدم نحو قلب الوطن جموع الفقراء المقهورين ! ومعهم ووسطهم يتقدم المثقفون الفرسان الشجعان !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق