خواطر
أعطهم التين قبل الدين بقلم أ.د. عبد الحفيظ الندوي

إنّ الفلسفة القائلة بأن البطون الجائعة لا تستطيع استيعاب الأفكار العظيمة، لها أهمية قصوى في المنظور الاجتماعي الإسلامي. فالإسلام يؤكد بشدة على العدالة وتلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان. وفيما يلي بعض النقاط التي تساعد على فهم هذه الفكرة بعمق أكبر:
1. الجوع والإيمان:
إنّ المبادئ الأساسية في الإسلام لا تنظر إلى آلام الجوع والفقر كحظ سيئ للمؤمنين، بل كمسؤولية على المجتمع بأكمله. وقول النبي ﷺ: “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع” يوضح موقف الإسلام في هذا الشأن. وهذا يذكر بأنّه قبل السعي للنمو الروحي والتركيز على شؤون الإيمان، يجب تلبية الاحتياجات المادية للإنسان.
2. الزكاة والعدالة الاقتصادية:
إنّ الزكاة نظام قوي طرحه الإسلام لبناء مجتمع خالٍ من الجوع. وهذا النظام، الذي يتم بموجبه جمع الأموال إلزاميًا من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء، هو حل عملي للقضاء على الفقر. فمن خلال الزكاة، يتم ضمان الغذاء والكساء والمأوى للمتأخرين اقتصاديًا. وهذا أحد جهود الإسلام لإقامة العدالة الاقتصادية.
3. المبادئ القرآنية:
يُشدّد القرآن الكريم في مواضع عديدة على مساعدة المحتاجين واليتامى، وإطعامهم. كما يوجه القرآن تحذيرات شديدة لمن يدفعون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين. وهذا يعكس رؤية الإسلام بأن هذا ليس مجرد عمل خيري، بل هو جزء لا يتجزأ من إيمان المرء.
4. الروحانية والمادية:
الإسلام لا يفصل بين الروحانية والمادية. فالنمو الروحي للإنسان لن يكتمل ما لم تلبَّ احتياجاته المادية. إنّ إطعام الجائع يحمي كرامته وعزته. وبهذه الكرامة فقط، يمكنه ذكر الله والارتقاء إلى أفكار أخلاقية سامية.
وقد تم تناول هذا المبدأ الإسلامي بالتفصيل في بعض المؤلفات التي تتحدث عن العدالة الاجتماعية. إنّ وجهة النظر هذه ترى أنّه إذا وجد في مجتمعٍ ما جوعٌ وفقر، فإنّ القيم الإسلامية الحقيقية لم يتم ترسيخها بشكل كامل فيه. ولذلك، يجب أن نعتبر أن خلق مجتمع خالٍ من الجوع هو واجب أساسي لأي نظام إسلامي ومجتمع.

