الرئيسيةبارعات العالم العربيخواطرمنظمة همسة سماء
الجزء الخامس – حين يعود الغد إلى الوراء (من سلسلة: الحنين إلى المستقبل) – الباب الذي لم يُفتح قط ( في نهاية الجزء الجامس تجدون روابط الأجزاء الأربعة الأولى) لمن فاتهم القراءة
بقلم : الدكتورة فاطمة ابوواصل إغبارية

في صباحٍ غامض، لم يأتِ من الأمس، ولا يُشبه الغد، استيقظتُ على صوتٍ لا أعرف من أين جاء.
كان الوقت ساكنًا كصورةٍ قديمة، والضوء رماديًا كأنه فقدَ دافعيته.
طرقات خفيفة على الباب…
لكن الباب لم يُفتح.
لطالما قلت إن المستقبل ينتظرنا خلف الأبواب.
لكنني أدركت متأخرةً أن بعض الأبواب تُطرق من الداخل.
وأن الغد أحيانًا لا يأتي… بل يعود.
– حوار مع “أنا الذي لم أكنه”
جلستُ قبالة ظلي. لم يكن يشبهني.
كان أكبر عمرًا… لكن ملامحه شابّة على نحوٍ يثير الحنين.
قال:
– كنتِ تكتبين عني.
قلت:
– ظننتُ أنني أكتُبُ إليك.
قال:
– كنتِ تظنين أنك تحنُّين إلى المستقبل، لكنك كنِت
تحنُّين إلى نسخةٍ منك لم تولد بعد.!
قلت :
– وهل وُلدتَ الآن؟
– لا. أنا عدت. لأنك نسيتِ أن تكتُبي النهاية.
سكتُ…
كأنني سمعتُ الجواب قبل أن يُقال.
الغد ليس وعدًا. الغد هو نحن، حين نلتفت للخلف ونفهم أننا لم نتحرك أصلًا.
– ارتداد الأزمنة
أغمضتُ عيني، ورأيتُ الأجزاء الأربعة تمشي نحو الوراء.
الجزء الأول: أمنيات تُرمى إلى السماء كأوراق شجر، تذروها ريح الأمل.
الجزء الثاني: أصواتٌ تتردّد في الأزقة المهجورة لذاكرتي، كأنني أحلم بما لم يحدث.
الجزء الثالث: مدينة من زجاج، كنت أحسبها المستقبل، فإذا بها مرآة لماضٍ لم أجرؤ على مواجهته.
الجزء الرابع: حوارٌ مع الليل، تساءلتُ فيه: ماذا لو كان الغد يتيمًا؟ ماذا لو كنا نحلم بنسخة باهتة من أنفسنا؟
والآن، ها هو الجزء الخامس لا يتقدّم… بل يرتدّ.
كأن السلسلة بأكملها كانت محاولة فاشلة للهرب من لحظة واحدة فقط: الآن.
– تأمل اللحظة
تساءلتُ: ماذا لو لم يكن الزمن حركة؟
ماذا لو كان الندم هو من يُشكّل المستقبل؟
أليست كل ابتسامة قديمة نحاول استعادتها… هي غدٌ أقدم من الغد؟
أدركتُ الآن أن “الحنين إلى المستقبل” لم يكن خيالًا.
بل هو صوت الإنسان حين يتذكّر ما لم يعشه بعد.
ويشتاق إلى وجهٍ لم يره، لكنه يعرفه.
– العودة الكبرى
في تلك اللحظة التي عاد فيها الغد إلى الوراء، سمعتُ همسًا خافتًا في ذهني:
“المستقبل ليس طريقًا.
إنه سؤالٌ لا يكتمل، إلا إذا عدتَ إليه وأنت تحمل مرآتك لا ساعتك.”
فتحتُ الباب أخيرًا.
لم يكن هناك أحد.
فقط أنا… في زمنٍ آخر،
ينتظر أن أكتب السطر الأول من القصة التي انتهت قبل أن تبدأ.
ختام السلسلة:
إلى كل من حلم يومًا بمستقبلٍ يُشبهه… وقرّر أن يحنّ إليه، بدلًا من انتظاره.”
“كتبتُ هذه السلسلة لأطمئنّ أن الزمن ليس وحده من يكتبنا…
أحيانًا، نحن من يوشوش في أذن الغد، ثم نعود إلى الوراء، لنقرأ ما قلناه كما لو كان نبوءة.
وللسلسلة بقية ….. لقراءة الأجزاء الأربعة السابقة انظر الروابط ادناه 👇👇
الحنين إلى المستقبل: كيف تشتاق الأجيال لزمن لم تعشه بعد؟ الجزء الاول
الجزء الاول التقي بكم والجزء الثاني الحنين إلى المستقبل – الجزء الثاني

