إنَّ أجملَ السُّبُلِ المُرْتَديةِ لثوبِ سهولةِ التناولِ، وعُمْقِ المحتوى ، وكرمِ عطائِهِ هي تلك التي تتسمُ بأَريحيةِ المصدرِ الذي يُصْحِبُ ما يُهْدِي بما يُبْهِجُ ويُرْضي؛ فالعِلاقةُ بين المُرْسِلِ والمُسْتَقْبِلِ يجبُ عليها أن تكونَ حَميميةَ الحِسِّ والمَلْمَسِ،تُوقِظُ في المُسْتَقْبِلِ والمُتلقي شهوةَ الصُّحْبَةِ، وفي المُرْسِلِ دواعِيَ ديمومةِ العطاءْ ؛ فميلادُ منهجٍ يُجَرَّبْ، مع مُعلِّمٍ مُدرَّبْ ، وكتابٍ للمُتلقي مُحَبَّبْ، …فهذه جمعاً تعني الرَّوَاكِزَ لبُنْيانٍ هياكِلُهُ قويةٌ تحملُ عِبئَ المسؤوليةِ ، وتُشكِّلُ قاعدةً للمسارِ سَوِيَّه.
ومن بعدِ هذا تأتي زراعةُ الثِّقةِ بين ماعونِ العطاءِ إرسالاً ، وبين وِعاءِ الأخذِ استقبالا… بين المُعلِّمِ و بين الطالبْ ، وهنا يتبيَّنُ لنا مبدأُ المَداخلِ والدَّواخِلْ ، فالمعلمُ المدربُ يُتقنُ فنَّ جَذْبِ الانتباهِ والرَّغبةِ في الدرس، فلا يقول للطفلِ ذي الأعوام الخمسة (الولد لَمَس الأسد)… فهذه، وعن مشاهدةٍ فِعْلِيةٍ لي أسفرتْ عن قولِ الطفلِ: كُضُبْ، كُضُبْ أي كذِبٌ كذبْ،…. ِلأَن سليقةَ الطفل (وهو هنا مشروعُ الإنسانِ الكاملِ مستقبلاً) ترفضُ جِماعَ شواذِّ الألفاظِ التي تَنِمُّ عن هِزَّةٍ في شريط التفكيرِ السَّوِيِّ المُفْضِي إلى مِيلادِ مَنْطِقِيَّةِ النُّمُوِّ السَّليمِ، وذلك مع استنكارٍ من لسانٍ صادقِ القولِ أمين.
وهنالك القدوةُ وما أدراك ما القدوه…. فالمعلِّمُ الذي يُلقي درساً عن أضرارِ التدخينِ وفي جيبِ قميصِه الشفَّافِ أمامَ تلاميذِه عُلْبةٌ للسجايرْ، فقد أزاحَ عن وجْهِهِ ثوبَ المِصداقيه، وعرَّضَ نفسه للنَّظرات الدونيه ، التي تصدرُ عن عيون مُستنْكِره ، وآذانٍ للرَّفْضِ مُستنفِرَه.
ومن أبجديَّاتِ إدراكِ الدَّواخلِ لإحسانِ المداخلِ معرفةُ كُنْهِ المُتلقي ، أهوَّ بصريٌّ؟ أهو سمعي؟ أم حركِي؟، وهذه آليةٌ يَسهُلُ التعاملُ معها عن طريقِ تكْليفِ الطلابِ بكتابةِ جُمَلٍ تعبيريةٍ في مجالِ اللغةِ العربيةِ مثلاً ، وليس حصراً، تقودُنا إلى معرفةِ إيصالِ المعلومةِ إلى ذهنِ الطالبْ، فمِنَ الجُملِ التَّعبيريةِ نستطيعُ تقسيمَ الطلابِ إلى مجموعاتٍ متجانسةٍ تجدُ في الدرسِ مُتعةً تشُدُّها للفهمَ والمُشاركةِ والتفاعلْ، وبهذا المنوالِ نصِلُ إلى مطلوبِنا من نتائجَ مَرْضيَّةِ المظهرِ والجوهرِ بنَّاءه.
إن التحصيلَ الأكاديميِّ المُتمثِّلِ في الموادِ العلمية والأدبيةِ يحتاج إلى سواندَ مساعِدةٍ على التَّرْسيخِ وقُدْرَةِ التَّعَمُّقْ، فهذه الموادُّ الأكاديميةُ في حاجةٍ إلى مواعينَ تَعِيهَا مِن سَع�