٠ !Arabic is NOT difficult; Arabic is just different
تؤثر معتقدات المتعلمين عن اللغة الهدف وعن تعلمها في عملية الاكتساب ورفع كفاءة المتعلمين (Horwitz, 1985, 1988, 1999)؛ إذ قد تخلق المعتقدات نوعا من القلق اللغوي- مع العلم أن هناك غير سبب للقلق اللغوي-، القلق الذي يقف حاجزا بين اللغة واكتسابها (للتوسع: Horwitz, Horwitz, M., and Cope, 1986; Krashen, 2009).
فهل يمكن أن نتصور أنه عندما يعتقد المتعلمون بأنهم يدرسون لغة “صعبة” أن هذا لن يؤثر بالسلب على كفاءتهم؟
وهل عندما نقول إن العربية ليست “صعبة”، سيعني هذا بالضرورة أننا نقول إنها لغة “سهلة”؟ هل على سبيل التقريب عندما نقول إن هذا اللون ليس (أسود) هل يعني هذا بالضرورة أنه (أبيض)؟ منطقيا لا، فهناك طيف عريض من الإجابات الواقعية المحتملة.
الإيمان باختلاف العربية عن اللغات الأوربية وغيرها، لا بصعوبتها، واحدة من النقاط الجدلية، ولكنها تحتاج إلى تفكيك بناء على الواقع اللغوي. فالعربية لغة غنية ضاربة في الزمان والجغرافيا، فضلا عن كونها ذات حروف وبعض أصوات مختلفة كلية عن الإنجليزية مثلا. بالإضافة إلى عدم اشتراكها في مفردات كثيرة مع الإنجليزية كالفرنسية والإسبانية والألمانية. هذا الاختلاف يجعل العربية لغة تطلب وقتا ومجهودا أكثر من اللغات المذكورة لمتعلمين يتحدثون الإنجليزية لغة أمًّا. ولكن هذا الاختلاف لا يجعلها لغة صعبة فيما أدعي ما دام المتعلمون يشعرون بالتقدم ورفع الكفاءة. ويحتاج هذا التفكيك لهذه الصورة النمطية إلى توسيع البحث والأفق لدينا جميعا، فحين نقول العربية صعبة، ينبغي أن نتساءل: صعبة بالنسبة لمن؟ وهل فعلا تحتاج العربية فقط إلى عدد ساعات مهول للوصول فيها إلى المستوى المتفوق (Al-Batal and Sypher, 2008)؟ أعتقد أن هذه النظرة في حاجة إلى إعادة نظر منا نحن الأساتذة قبل المتعلمين (Stevens, 2006). إن ما نؤمن به أن هناك منهجية تعلم تسهم في رفع الكفاءة للمتعلمين المتوسطين Averages في أي لغة، وهناك منهجية تعلم لا تسهم في رفع الكفاءة للمتعلمين المتوسطين في أي لغة. وعليه فالمحكّ هو منهجية التعلم وليس اللغة. ودعونا نتخيل كم الإحباطات التي قد تصيب بعض المتعلمين حين ندخل إليهم في اليوم الأول ونردد أننا ندرس لغة صعبة! الواقعية تقر بأن العربية لغة كأي لغة تحتاج إلى مجهود لإتقانها، وبأنه كلما مضى الوقت وأصبح لتعلم العربية لغة ثانية تاريخ في ضوء الكفاءة والتواصلية، تظهر نماذج كثر كدليل على تقدم متعلمين كثيرين- في العربية كغيرها من اللغات- ووصولهم إلى المستوى المتفوق بعدد ساعات تعلم نزعم أنه يقترب من عدد الساعات المطلوبة للوصول إلى المستوى المتفوق في باقي اللغات “السهلة” (Al-Batal and Sypher, 2008).
فالعربية لغة مختلفة عن الإنجليزية، فقط! “Arabic is NOT difficult; Arabic is just different!”
ما أحاول المجادلة فيه هو أنه- على المستوى الأكاديمي- كما لا توجد لغة بدائية ولغة غير بدائية، ولغة مقدسة ولغة غير مقدسة، ولا يوجد ما يسمى بأفضل اللغات، فإنه ينبغي إعادة البحث في مفهوم الصعوبة والسهولة للغات. ولربما نرى بعض التعقيدات في القواعد العربية، ولكنها ربما توجد كذلك في لغات أخرى من الرومانسية (Stevens, 2006) والجرمانية وغيرها. وعملية الوصول إلى المستوى المتفوق في أي لغة، عملية يمكن الحكم عليها بأنها معقدة أو تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين أو صعبة. ولكن إذا كانت عملية تعلم اللغات عملية “صعبة”، فلماذا نخص العربية أو الصينية بهذا؟!
أتفهم أن هناك مِن المتحدثين بالإنجليزية الأمريكية مَن وصلوا إلى مستوى متفوق في بعض اللغات الأوربية بطريقة قد تكون فعلا أقل جهدا ووقتا من وصولهم إلى المستوى المتفوق في العربية، ولكني كذلك أرى مِن المحدثين بالفارسية أو بالكردية أو الأوردو مَن وصلوا إلى المتفوق في العربية بوقت وجهد أقل من غيرها من اللغات الأوربية. فالعامل هنا غير منحصر في اللغة الهدف نفسها. أما إذا قلنا إن العربية صعبة بالنسبة للمتحدثين بالإنجليزية الأمريكية فعلينا كذلك تفسير وصول نماذج نقابلها سنويا لمتعلمين أمريكيين درسوا العربية لمدة ثلاث أو أربع سنوات إلى المتقدم الأعلى والمتفوق، ولم يتجاوزوا المتوسط في تعلمهم للإسبانية مثلا التي ربما درسوها لسنوات قد تصل إلى ستّ في عمر أصغر!
عندما ننادي بكون العربية ليست صعبة، فهذا لا يعني أننا نقول إنها لغة سهلة، ولا يعني أننا نحاول خداع المتعلمين، بل نؤكد لهم كون عملية تعلم أي لغة هي عملية متطلبة أو “صعبة”، وتحتاج إلى المجهود والوقت، ولكننا نؤكد في الوقت نفسه أن العربية لغة كأي لغة، عندما نستثمر فيها الجهد والوقت سنجني ثمارهما. ولا أردي ما الفائدة من التصريح بأن العربية لغة صعبة؟! وبماذا يجب أن نجيب- بما يعزز رفع الكفاءة- عن سؤال المتعلمين المتكرر عن صعوبة العربية؟ وعن إقدامهم إلى صفوف العربية محملين بهذه التحيزات والتصورات عن صعوبة العربية قبل أن يدرسوها؟!
“Arabic is NOT difficult; Arabic is just different!”