مقالات

“الحقيقة سوف تحرركم” واذا لم تعرفوا الحق “ستموتون بخطاياكم”

الدكتور نايف جراد - 6 سبتمبر 2024 رحمه الله اليوم 15سبتمبر

لفتت انتباهي هذه المقولة وانا اتفقد القاعة التي كان يجلس على طاولاتها فلاسفة المان مشهورين ممن عملوا او تعلموا في جامعة فريدريش شيلر في يينا (Jena)/ المانيا، التي تاسست عام 1558، امثال كارل راينهولد وفيخته وهيغل وفريديش شيلنغ ولودفيغ فيورباخ وبرونو باور وكارل ماركس وغيرهم.

وبعد البحث تبين ان العنوان العريض “الحقيقة سوف تحرركم”، مقتبس من الإنجيل لانه يشير إلى تعاليم المسيح التي كانت تتم الدعوة اليها كمنقذ وسلاح لتحرير العقول.. ولكن الملفت للنظر أن المكتوب في أسفل اللوحة، أن هذا يأتي ” تخليدا لضحايا القمع السياسي في جامعة فريدريش شيلر في الفترات ١٩٣٣-١٩٤٥ و ١٩٤٥-١٩٨٩”. اي في فترة النازية وبعدها وصولا لسقوط جدار برلين.
فإذا كانت المسألة كذلك، وهذا امر جيد ويقدر، ويشير إلى موروث الجامعة وواجبها ومسؤوليتها تجاه ضحايا القمع السياسي والهولوكوست، فمن الجدير بها، وبكل الجامعات الألمانية وغير الألمانية ايضا، أن تعبر عن هذا الموقف وتترجمه اليوم في ظل ما يتعرض له قطاع غزة وكل بقاع فلسطين على يد الجيش والسلطات الإسرائيلية من قمع واضطهاد وصل الى درجة غير مسبوقة ومتوحشة من الابادة الجامعية والتطهير العرقي وعدم احترام أدنى حقوق وحريات الانسان فردا وجماعة. اقول ذلك، وفي المعرفة ما يؤكد على الدور الثوري للنظريات والفكر في التاريخ الالماني، مقابل ما للحركات الاجتماعية والحركات الدستورية من دور لدى فرنسا وبريطانيا. ولكن من الواضح ان المانيا، ومعها مجمل الغرب الاوروبي الذي عاش ويعيش عقدة النازية والفاشية التي ولدت الهوليكوست، وفاقمت من المسألة اليهودية واللاسامية، وجعلها تتبنى بقوة قيام دولة إسرائيل، لا زالت تعاني من تلك العقد، وترى أن حل المسألة اليهودية لما يستكمل بعد، لأن دولة إسرائيل اظهرت بعد 7 اكتوبر 2023 انها هشة الوجود وبحاجة لحماية من المتروبول الذي اقامها وقدم لها كل ما يستطيع في سبيل امتلاكها للقوة ومقومات البقاء والأمان والتفوق. وهو ما جعلها وحليفتها وزعامتها الأكبر واشنطن أن تسارع لنجدة إسرائيل وتقدم لها كل ما تستطيع كي تحافظ على امنها وقوة ردعها وتفوقها وتواجه بصلافة قل مثيلها اي انتقاد لها او ملاحقتها قضائيا، مدعية وبكل وقاحة اخلاقيتها وانسانيتها.
فماذا بعد؟ ماذا بعد ايها العالم المتحضر؟
انتم تعرفون الحقيقة، ولكن عليكم ان تعترفوا بها علنا وجهارا، لان هذا يعني انكم تنتصرون لانسانيتكم التي تدعون.
وان سبيلكم لذلك هي فعلا الحقيقة.
ان “الحقيقة سوف تحرركم”
والا “ستموتون بخطاياكم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق