ثقافه وفكر حر

القصة واللأُسطورة والخرافة والخيال في المجتمع التشادي:

هيثم درابي

بتاريخ 13 يونيو 2024م نشر زميلي في كُلِّية العلوم الإنسانية والاجتماعية سابقاً ونائب رئيس جامعة بالا حالياً الدكتور فوستين دينقمباي هذه القصة لأول مرة، وهي من القصص الغريبة التي لم نَسْمع عنها من قَبْل، كما أنها أقرب إلى الأسطورة والخيال من الواقع.
تبدأ وقائع القصة العجيبة عام 1934م في مِنطقة نَائِيَة من مايوكيبي بجنوب غرب تشاد، وتحديداً فينقا، اهتزت هذه البُقعة الهادئة بحَدَثٍ استثنائي غيرِ عاديٍّ، عندما قَدِمَ الْمُسْتكشِف الإنجليزي وعالم الأنثروبولوجيا غوست فريمان إلى منطقة مايوكيبي- وهو معروف برِحْلاته الجريئة، وغامَرَ بدخول هذه المنطقة التي تُكْتَشَف من قِبل الأوروبيِّين إلا أجزاء قليلة منها.
خلال تواجده في هذه المنطقة انجَذَب إلى الألغاز والأساطير المحلية؛ إذ سمع فريمان عن قصص غريبة مُتداوِلَة بين سكان فينقا، ومن بين تلك القصص قصة «ذي القَرْنَيْن التشادي»؛ حيث رَوى له الأهالي أن رجلاً يعيش وحيداً في غابة مفتوحة بعيدًا عن الناس، قريبة من قرية في تلك المناطق النائية، وكان لهذا الرجل قرنان على رأسه، فلم يُصَدِّق غوست فريمان القصة، ولكنه بِدافِع الشَّكِّ والفُضول قرَّر القيامَ برحلة إلى تلك الأرجاء بنفسه، فوصل إلى مدينة فينقا، وهناك بدأ يَكْسِب ثقة أهل المنطقة؛ وذلك من خلال استخدام مهاراته اللغوية واحترامه للعادات المحلية التي سمحت له بالتواصل مع رؤساء القرية التي يقطن بالقرب منها «ذي القرنين»، وبعد عِدَّة أيام من المُحادثات والتأملات، تلقَّى أخيراً معلومات عن الرجل «ذي القرنين» الذي سمّاه والداه «نجابيا باتي Njabia Bâté» والتي تعني [غامض] في اللغة المحلية.
غادر غوست فريمان القرية برفقة بعض المُرشِدين المَحلِّيِّين بحثاً عن «ذي القرنين»، وبعد مَسِيرة ساعات عبْر الغابة المفتوحة، والكثيفة بالأشجار والمسارات الضيقة شبه المظلمة، فجأة رأَوْا أَكْواخاً مُنعزِلَة مُبيَّنة من الطين ومسقوفة بجُذوع الأشجار، وأمام أحد هذه الأكواخ يقف رجلاً طويلًا بقرونٍ حقيقية تخرج من جمجمته، وكان فريمان مندهشاً ومُنبرهاً في الوقت نفسه.
اقترب بحَذَرٍ شديد من الرجل، وسَلَّم عليه بواسطة مرافقيه، وعَرَّفه بنفسه وأوْضَح سببَ زيارته، فأخذ «ذي القرنين» حذره منه بداية، ولكن بعد تدخُّلِ المُرافقين له من أهل المنطقة تراجع عن حذره، وبدأ في رواية قصته بصوت هادئ وعميق.
قال«نجابيا باتي»: إنه عاش دائماً منفصلاً عن الناس في عُزلةٍ، منبوذاً من عائلته والقَرَوِيِّين في تلك المنطقة؛ بسبب مظهره الفريد والغريب؛ حيث بدأت القرون تنمو في رأسه عندما كان طفلاً، وهي ظاهرة لا يُمكن تفسيرُها وجلَبَت له الخوف والاحترام معاً.
لكن على الرغم من عزلته فقد اكتسب حكمة كبيرة ومعرفة عميقة بالطبيعة وطُرق العلاج التقليدية؛ الأمر الذي جعل بعض المرضى يلجأون إليه طلبًا للعلاج.
وقد أمضى الإنجليزي غوست فريمان عدة أيام مع «ذي القرنين» يدرس مُمارَساتِه ويحاول فهم أصول قرونه، ويسجل ملاحظات مُفصَّلة، كما قام بتصوير الرجل وجمع عَيِّنات من قَرْنَيْه لتحليلها لاحقاً حال عودته إلى دياره.
وقد أصبحَ هذا اللقاء أسطورةً بينَ القَرَويِّين؛ مما يعزز الحالة الغامضة للشكل الغريب لـــــ«نجابيا باتي».
وقد نشر فريمان مقالاً عن هذا الاكتشاف العجيب والمُحَيِّر في منطقة فينقا في دولة تشاد؛ الأمر الذي أدى إلى جذب انتباه الأوساط العلمية في ذلك الزمان.
وقد باتت “قرون” هذا الرجل لغزاً محيراً، فهي حالة استثنائية أذهلت العقول الفضولية حول العالم وأسَرَتْها، وسلَّطت الأضواء والشهرة على فينقا، وصار «نجابيا باتي» شخصية أيقونية، ورمزًا لصمود الروح الإنسانية وتفردها.(انتهت ترجمة القصة هنا).
تعقيب على القصة:
إننا أمام قصة عجيبة وظاهرة غريبة حقاً، لا يمكننا تفسيرها، وعندما قرأتها لأول مرة لم أُصدِّقها لأنها أقرب إلى الأسطورة والخيال والخرافة من الواقع والحقيقة؛ لأن وجود رجل ذي قرنين هو أمر خارق وغير معروف لدى الطبيعة البشرية، وقد نشاهده في أفلام الخيال العلمي فقط، إلا أن كاتب القصة الدكتور فوستن دينقاوبي وهو رجل أعرفه جيداً أرفق قصته بصورة «ذي القرنين» التشادي، فكما ترون أرفقتها لكم بدوري في هذه الترجمة التي اجتهدت فيها حسب سياق القصة.
وأقول: إن هذه القصة العجيبة أقرب إلى الأسطورة من الواقع؛ لأنها ترتقي بالخيال الإنساني، ولعل القَرَوِيِّين في تلك المنطقة النائية لديهم حوالي 90 عاماً يَرْوُون هذه القصة من جيل لآخر، وارتقوا بقصة «ذي القرنين» التشادي إلى درجة القداسة في التعاطي الشعبي بأوساط الوثنيين والإحيائيين.
ومن المصادفات العجيبة وأنا أترجم هذه القصة وأعيد نشرها مرة أخرىً هو أننى بُعِثْتُ مُدرِّساً إلى تلك المنطقة النائية بعد تخرجي في الجامعة فلم أسمع هذه القصة قِطّ خلال تواجُدِي بين ظَهْرانيهم، ولي معهم أيضاً قصص وحكايات عجيبة، إذا قصَصْتُ عليكم بعضها قد لا يُصدِّقها بعضكم، ويعتقد أنها مجرد مزحة أو قصة فلكورية من نسيج خيالي! أو خرافة متداولة في تلك المنطقة فقط أو وخزعبلات إحيائية لا أساس لها من الصحة، ولكن ما أستطيع أن أؤكده من خلال معايشتي لمجموعات سكانية في تلك البقاع أقول: إن كل المناطق النائية بإقليم مايوكيبي مليئة بقصص واقعية وأساطير وأشياء غريبة وعجيبة، قد يعتبره البعض نوعاً من الأدب العجائبي. ولذا أقول وأنا أنشر هذه القصة التي أقتنع بها حتى اللحظة إن بلدنا تشاد مليء بالعديد من القصص الغريبة والعجيبة في كل شبر من أراضيها، وإذا تمكَّنا من جمعها في مصفوفة واحدة سيكون لدينا جزءٌ مهمٌ للأكنوجرافيا القومية التي تحكي ماضي الشعب التشادي الثَّرِيِّ بالقصة والأسطورة والتراث.
مار رأيكم في هذه القصة العجيبة الي لم تسمعوا عنها من قبل؟
هل لديكم قصص أسطورية مشابهة لهذه القصة أو قريبة منها؟
وما تفسيركم لقصة «ذي القرنين» التشادي؟
هل هو أمر خارق يفوق مدارك الإنسان والقوانين الطبيعية المعهودة؟
أتمنى من المختصين في علم الاجتماع، وفي الأنثروبولوجيا مشاركتنا في مناقشة هذه القصة الغريبة؟
هل منكم من يؤمن بحقيقة وجود “البعاتي” في الواقع ؟!.
هل تؤمنون بوجود مثل هذه الظواهر الغريبة ؟.
#بخيت_تشاد_بلد_العجائب_والغرائب.
البرفسور عبدالله بخيت صالح
مثل ما قرأت انتم اقرؤها أيضا هل صح ام خطأ الله اعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق