مكتبة الأدب العربي و العالمي
حكاية ترنجة وساحرة الجبل من الفولكلور اليمني على الأشجار وسط الغابة (الحلقة 1 )
عاش في قديم الزّمان راعي إسمه راشد مع زوجته في قرية صغيرة ،ورغم أن الله لم يرزقهم بأطفال إلا أنهما كانا راضيين بحياتهما ،ويحمدان الله على ما قدّر ، وكانت المرأة تخشى أن يتزوّج راشد عليها ، فحرصت أن ترزق مولوداً بأي صورة لتكتمل به سعادتهما الزوجية ، فراحت تدعو الله أن يرزقها طفلاً ، وحين لاحظت أنها لم تحمل إلتجأت للسّحرة والمشعوذين ،وتطلب منهم التمائم والعقاقير لكن دون جدوى ، إلى أن دلها الناس على ساحرة بارعة في السحر الأسود لكن حذّروها من أنّها ملعونة لكثرة ما فعلته من شرّ ،ولم تهتمّ المرأة بما قيل لها ،وذهبت إليها ،حين وصلت إلى جبل مرتفع رأت أمامه كهفا مظلما مدخله مزيّن بجماجم الموتى، فخافت وهمّت بالرّجوع، لكنها سمعت صوتا أجشّ يناديها، ويقول لها أنّه يعرف سبب قدومها ،وسيعطيها ما تشتهيه نفسها ،فلمّا دخلت وجدت امرأة تغطّي وجهها جالسة ،ثم مدّت لها يدها وقالت لها أعطني العقد الذي في رقبتك فأنا لا أساعد أحدا بالمجان !!!
ترددت زوجة الرّاعي، فهذا العقد أهداه لها زوجها ليلة عرسها ،لكنها إنتزعته ،ورمته قدّام السّاحرة التي إبتسمت حتى بانت أسنانها الصفراء ،قم قالت في هذا الجبل شجرة ترنج غريبة نصفها يعطي الحياة ،والآخر يعطي الموت ،خذى الخضراء وإياك أن تلمسي الصفراء ،ومسموح لك بواحدة فقط لا أكثر، ثم كتبت لها طلسما ،وأوصتها أن تظعها في جيبها والا قتلها الجن الذين يسكنون الجبل ،بدأ الليل في النزول وقالت المرأة سأعود. الآن وأرسل زوجي غدا ليبحث عن الترنجة الخضراء ،لكنها في الطريق قابلت شيخا منحن الظهر، رثّ الهيئة ،وقال لها :الله هو الذي يرزق من يشاء وهو الذي قدّر كل شيئ بمشيئته ،إسمعي ،سترزقين بنتا كالقمر، لكنّك لن تفرحي بها إلا إذا تبت عن خطاياك ،وابتعدت عن ما يغضب الله، ردّت عليه: إهتم بشؤونك يا رجل وابحث عمن يكسي عريك !!! ثم إنصرفت وهي تتعجب من ذلك الشيخ الغريب فمن أعلمه بمكنونات صدرها التي تعرفها هي فقط ؟
لما رجعت المرأة أخبرت زوجها بالحكاية، لكنه هز رأسه، ولم يصدّقها ،ومع ذلك قرّر الذهاب إلى االجبل ليحضر لها – الترنجة .فمع الخطوط الأولى الفجرسار راشد للجبل، وبدأ يبحث عن شجرة اللتّرنج حتى تقطعت أنفاسه ،ولام نفسه على المجيئ وترك أغنامه دون أكل ولمّا إستدار ليرجع شاهد من بعيد شجرة فيهل ثمار ذات لونين فلما إقترب شهق وقال لم أكن أعلم بوجود هذه الشجرة ،ثم قطف واحدة ورجع ،كانت الثمرة فواحة الرائحة ،ولم يمنع نفسه من أكل قطعة صغيرة وكلما مشى أكل قطعة أخرى حتى لم يبق منها شيئ ،وقال في نفسه على كل حال فأنا أعتقد أن إمرأتي واهمة وهذه الثمرة لن تنفعها في شيئ ،ولما عاد قال لها لا وجود لأشجار ترنج في الجبل ولا ينمو هناك إلا الصّنوبر والبلوط ،فحزنت المرأة ،ولم يعد لها ما تفعله سوى الصلاة والدّعاء ،وندمت على الذّهاب للسّحرة ،وخسارة مالها وحليّها .
لكن منذ ذلك اليوم لم تنقطع رائحة الترنج الفواحة عن راشد،وكلما تسأله إمرأته يقول لها إنه عطر إشتراه من السوق مضت الأيام ولاحظ راشد ظهور ورم في ساقه وأخذ يكبر حتى صار يتوكأ على عصاه ،،أحد المرّات بينما كان يرعى غنمه أحس بألم شديد فجلس ورفع طرف جبته ،فافتح الورم ،وسقط منه شيئ ولما نظر إليه تعجب فلقد كان يشبه مولودا صغيرا ،فتعوذ بالله وربط جرحه ،وأسرع مبتعدا وهو يرتعد واعتقد أن ذلك من عمل الجنّ ،في تلك اللحظة مرّت أنثى قرد وهي كثيرة في اليمن، فوجدت بنتا ضئيلة الجسم تبكي من الجوع فرق رها قلبها ،فحملتها إلى غدير ماء ونظّفتها ثم أرضعتها ووضعتها مع صغارها أعلى الأشجار، وسمّتها ترنجة لشدّة شقرتها ..
…
يتبع الحلقة 2
حكايات زمان