مكتبة الأدب العربي و العالمي
الاخوه الخمسة الجزء الثالث والاخير
《فأمر ببناء برج عظيم في القصر له جدران سميكة ونوافذ مرتفعة جداً لتنام فيه الأميرات ليلة الميلاد 》
واقترب الموعد وأقيمت كالعادة احتفالات كبيرة لعدة أيام وفي آخر ليلة عندما انتهى الرقص والمرح توجهت الأميرات الثلاث فريدا وأيدا وميا إلى البرج برفقة الملك والوصيفات.
استلقت الأميرات على الفراش الكبير وتغطين بشراشف حريرية، ثم ودعهن الملك متمنياً لهن ليلة سعيدة وأوصى الإخوة الخمسة أن يدافعوا عنهن بأرواحهم، وقبل أن يغادر أقفل بإحكام الباب الحديدي الكبير الذي يؤدي إلى بقية القصر.
استلقى الإخوة على مقعد في حجرة صغيرة تؤدي إلى الغرفة الرئيسية حيث تنام الأميرات لكنهم تركوا المصباح مضاء والباب مفتوحاً.
لقد كان يوماً طويلاً متعباً لذلك غط الأخوة في النوم سريعاً، لكن الحارس لم يغمض له جفن، ولف نفسه بمعطفه واستند إلى الحائط يراقب، وفجأة تهيأ له أنه رأى ظلا يدنو من غرفة الأميرات، ولما نظر جيداً رأى يداً متوحشة
تفتح النافذة وتمتد متلمسة الطريق نحو السرير الذي تضطجع ببطء عليه الأميرات .
أيقظ الحارس إخوته وفي الحال أمسك ذو القبضة الحديدية اليد الغريبة وثبتها بقوة لدرجة أن صاحب اليد لم يعد يقوى على تحريكها، ثم وبضربة واحدة من السيف القاطع قطعت اليد من
المعصم، فانطلقت صرخة ألم مرعبة ملأت الأجواء فنظر الإخوة خارجاً فرأوا عملاقاً مخيفاً يغادر القصر ملوحاً بيده الوحيدة المتبقية باتجاه البرج متوعداً بالانتقام.
أيقظت الضجة الملك الذي حضر في التو، بينما أسرع الحارس وإخوته خلف الوحش، الذي هرب سريعاً عندما أدرك أن هناك من يتبعه ورغم أنه غاب عن نظرهم إلا أن أبا العيون تبع آثار
أقدامه على الطريق.
تابعوا طريقهم إلى أن وصلوا إلى سفح جبل شاهق، حيث ارتفعت أمامهم الصخور العالية شديدة الانحدار ولم يتردد متسلق الجبال قط فأخرج حبلاً حريرياً قوياً كان يحمله معه
دائماً، ثم قفز قفزة جريئة إلى نتوء صخري وبدأ يتسلق من دون أن تنزلق قدماه حتى وصل إلى القمة، وأنزل الحبل الحريري وسحب إخوته واحداً تلو الآخر .
لما وصلوا إلى الأعلى وجدوا كهفاً كبيراً وعند المدخل جلست عملاقة ضخمة على كرسي منخفض تبكي بمرارة،
سألها الإخوة ما الذي يبكيها فأجابت: «هذا ليس من شأنكم»،
وأخذت تنشج بمرارة أكبر من السابق.
ثم أخبرتهم أن زوجها فقد إحدى يديه في الليلة السابقة وربما يموت من شدة الألم .
حينئذ أخبرها الإخوة أنهم قادرون على شفائه إذا أدخلتهم إليه، لكن يجب أن يكونوا وحدهم، ولهذا عليهم أن يربطوها هنا فهم لا يريدون أن يكتشف أحد سر قدرتهم على الشفاء.
كانت العملاقة التي لا تقل شراً عن زوجها، تخطط
لاستدراج الإخوة إلى داخل الكهف بتظاهرها بالبكاء لتجعل منهم وجبة عشاء لها ولزوجها، لذلك لم تعجبها في البداية فكرة أنهم سيقيدونها، ثم خطر لها أنهم ربما يستطيعون شفاء زوجها
وهكذا قيدها ذو القبضة الحديدية بقوة مستخدماً حبل أخيه متسلق الجبال ثم دخلوا إلى الكهف حيث كان العملاق مستلقياً في فراشه.
صرخ العملاق غاضباً عندما رآهم ولكن كونه بيد واحدة فهو لا يستطيع مقاومتهم فأجهزوا عليه في الحال ثم قتلوا العملاقة الشريرة التي كانت تجلس إلى جانب كومة من العظام البشرية، وتقدموا إلى أعماق الكهف ظناً منهم أنهم
قد يجدون كنزاً ما هناك، لكنهم لم يعثروا على شيء، وبينما يهمون بالخروج لمح أبو العيون باباً صغيراً نحت في الصخر ببراعة، فكسروا الباب بسرعة واكتشفوا ممراً سرياً يؤدي إلى
كهف آخر وهناك وجدوا الأميرتين المفقودتين؛ كانت إلما شاحبة وهزيلة أما إيرين فقد كانت أفضل حالاً فلم يمض على سجنها وقت طويل.
كان العملاق ينوي جمع الأميرات الخمس وأكلهن جميعاً دفعة واحدة.
كانت فرحة الأميرات عظيمة برؤية المنقذين الشجعان ومعرفتهم أن سجنهم قد انتهى، فأسرعوا باتجاه القصر سالكين طريقاً أسهل كان أبو العيون ومتسلق الجبال قد اكتشفاه .
وصلوا إلى القصر عند حلول الظلام، وكانت سعادة الملك لا توصف لرؤيته بناته الخمسة مجتمعات مرة أخرى فأمر
بإعداد مأدبة عظيمة، وحكى للضيوف والنبلاء المجتمعين عن شجاعة الحارس وإخوته، ثم أعلن أمامهم أنه قرر أن يزوج بناته من هؤلاء الأبطال الخمسة.
قال الملك: «إنه لعين الصواب أن يحكم هذه البلاد من بعدي رجال كهؤلاء الرجال الشجعان النبلاء المخلصين ومن يستحق أن أئتمنه على بناتي أكثر ممن أنقذوا حياتهن ؟».
وهكذا أقيم حفل زفاف لا مثيل له قط، دام شهراً كاملاً وكانت أثواب الأميرات عبارة عن تحف نادرة مطرزة بالذهب والفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة.
بعد ذلك تولى كل واحد من الإخوة منصباً في الدولة يتناسب مع العمل الذي يبرع فيه وعاشوا مع زوجاتهم بسعادة ونالوا محبة الجميع وتقديرهم.
وبعد وفاة الملك استلم الحارس العرش، وحكم البلاد مع زوجته الجميلة الملكة إلما، وما زال الناس يتحدثون عن طيبتهم وحكمتهم إلى يومنا هذا.
من قصص حكايا العالم. الاخر