مكتبة الأدب العربي و العالمي
الساحره وكنز سليمان الجزء الرابع
إستيقظت بديعة مبكّرا كانت متحمّسة لإكتشاف ماذا يوجد على جدران المعبد الذى سطا عليه هؤلاء النّاس، و حوّلوه إلى منزل . ليس بإمكانها أن تعرف كيف كان في الأصل ،فعبر السّنوات قام أجداد بائع السّمك بتعديلات كثيرة لكي يصبح صالحا للسكن ،لكن ستعرف كل شيئ ، حتّى ولو اضطرت إلى تحطيم كل ما قاموا به..
حملت صينيّة الطعام إلى فراش بائع السّمك ،وتصنّعت المرح ،وقالت طلعت الشمس ،وانت لا تزال نائما !!!هيّا قم ،لقد أحضرت لك كلّ ما تشتهيه نفسك . فتح عينيه بصعوبة، وقال ،لقد اكثرت البارحة من الشّراب حتّى دارت بي الدّنيا ،ولم أعد أعرف أين أنا ،سأكفّ عن الخمر اليوم ..
امسكت بابريق الماء ،و قالت: بعد أن تغتسل و تتعطر ستحسّ بالإنتعاش، وعندما أتمّ فنجان الشّاي أحسّ بروحه تعود إليه ،و بدا أكثر نشاطا ،قالت له : لا تنس وعدك لي ،استغرب الأمر ،و رد عليها : أيّ وعد ؟ قالت أن نرى ماذا نقش على الجدران قبل أن يقوم جدّك الأوّل بتغطيتها بهذه الطبقة من الجير ،قال أوه ،لقد نسيت ،سأفعل ما تريدين،في جميع الحالات فالبيت في حاجة إلى تجديد،وليس المال ما ينقصني ..
كان البيت مقسّما ثلاثة أقسام المدخل يستعملونه للجلوس و الأكل وهو الأكبر، و غرفتين في الفناء أحدمها غرفة نوم بائع السمك، والأخرى كانت صغيرة أقرب للمخزن ..
تأخّر كثيرا، وعندما رجع كان معه عاملين من غير أهل القرية ،أشار إلى الحيطان، وطلب منهما الحفر حتى يصلا إلى الصخر ،همس لبديعة لقد رفض كل عمّال القرية الحفر يقولون هناك لعنة تصيب كل من يطّلع على النقوش، و يزيل الجير الذي عليها،و يبدو أنّ الجميع يؤمن بهذه الخرافات أجابته حقّا ؟ هذه القرية شديدة الغرابة
بدأ الحائط الصّخري يظهر تدريجيّا ،و أصبح بإمكانها أن ترى نقوش وصور حيوانات و أشخاص، وكانت رائعة كأنّها نقشت اليوم ..أوصتهم بديعة أنها لا تريد أي خدش في الحائط ،
بعد ساعات إنتهى العمل ،و كان بإمكانها أ ترى الصورة كاملة كما كانت منذ آلاف السنين، كانت تمر ّأمام الحائط بسرعة ، لا شيى ذو أهمية ،فقط تراتيل جنائزية من أجل الموتى بدأت تحسّ بخيبة الأمل ،لم تبق إلى الغرفة الصغيرة التي تقابل مباشرة الباب ،دخت و نظرت إلى السّطور و فجأة صاحت :تعال هناك شيئ هنا، جاء تاجر السّمك بسرعة، و قال لها : أريني ماذا وجدت ، أشارت إلى بضعة أسطر و فوقها حيوان يشبه الظبي ،قال لها أهذا كلّ شيئ كنت أتوقّع أنك وجدت مدخلا سرّيا ،قالت لو كان هناك شيئ لوجده جدّك من زمان سأترجم ما هو مكتوب :
عندمـا تشـرق الشّمس علـى عين الرئم
وتتعلم الحكمة وترتـقي درجـات الفهم
يأتيك سلّم لا تعرف هل حقيقة أم وهم
ومن يأمن بما لا يرى من نصيبه السّهم
قال بائع السّمك تشبه الأحجية التي عليك حلها لتجد الكنز ،قالت له ،لا الموضوع أكثر تعقيدا هذه الأبيات من الشّعر تقودك في طريق محفوف بالخطر ،وفقط الحكماء يقدرون على تخطي العقبات ،و الإمتحان الأخير يضعك وجها لوجه مع الموت ..
البيت الأول من الشّعر سهل ،أنظر لهذا الرئم على النّقش ألا يلفت إنتباهك شيئ ،أجاب :عينه كبيرة مقارنة برأسه ، ردّت :بالضبط ذلك يعني: عندما يأتي شعاع الشمس على العين ،قال : رائع جدا لنرى في أيّ وقت تدخل الشّمس من الباب ،و تضيئ الحائط ..
قالت بديعة ليس كلّ الحائط ،لكن فقط عين الرّئم ،النّص يتحدّث ضمنيّا عن مرآة ليتركّز الضّوء على العين دون غيرها …
أجاب : بإمكاننا تدبير مرآة هذا ليس صعبا ..
قالت: ليس كل مرآة ،هي خاصة و مصنوعة بالسّحر يمكن ان تكون أيّ شيي
قال هل بالإمكان أن يتعلق الأمر بإسطوانة صغيرة من نحاس
قالت نعم ..نعم ،هذا ممكن جدا ،كيف عرفت ؟
أجاب : هناك نقش محارب في الجهة المقابلة يحمل رمحا و درعا ،لكن مكان الدّرع فارغ … ألا يبدو وجود محارب في معبد للموتى غريبا ؟
قالت له: أنت أذكى ممّا كنت أتصور ،أحسّ بالفخر لهذا المديح ،و تمتمت في نفسها لهذا السبب ابهرتني تلك الشّقية عائشة بذكائها ،يجب أن أحذر أيضا من هذا المغفّل ..
فجأة ضرب بائع السّمك جبينه ،و قال لقد شاهدت هذه الإسطوانة من قبل لكن أين؟ ،لقد مضى على ذلك وقت طويل ..
ردت عليه :لا شك انها سقطت اثناء الاشغال التي قام بها جدّك ،و وجدها وقرّر الإحتفاظ بها لبيعها فيما بعد ..
قال لقد تذكّرت الآن كانت عائشة تحب الأشياء اللامعة ،و ذات يوم فتحت صندوق جدها القديم،، وأخذتها ،حجمها ليس كبيرا لكن تكفي لتشاهد عليها وجهك بوضوح من شدة صفاء النحاس المصنوعة منه ..
أسرعا الى غرفة نومها وقلبوا كل شيئ ،لكن لم تكن هناك ،قالت بديعة لا شك أنها أخذتها عندما حملتها إلى أمّها ، ابق أنت هنا سأذهب للبحث عنها سأعرف أين أجدها ،إستغرب تاجر السّمك من هذه العبارة لكنه يعرف انّ بديعة غريبة الأطوار ،وفي بعض الأحيان تصرفاتها غير مفهومة
كنت بديعة تعرف أنّ الغيلان لن يأكلوا عائشة قبل عدّة أيّام ،ذهبت إلى صديقتها الغولة في الغابة ،وهي التي دبّرت إختطافها ،كانت الغولة مشهورة بالسّحر الأسود لهذا طردت من القرية ،وهي تعيش الآن وحدها في كوخ ،عندما وصلت إليها ،طلبت منها أن تكلف أحدا من معارفها للبحث في ثياب عائشة عن أسطوانة صغيرة من نحاس على شكل درع ،أجابتها الغولة بفرارها و تدميرها القرية بمساعدة ملك الجنّ الأزرق الذي أصبحت من المقربين منه …
عندما سمعت بديعة هذا الخبر كاد أن يغمى عليها ،كلّ مرّة تنصب لها فخّا تتخلص منه ،و الأكثر من ذلك صار لديها الآن حلفاء أقوياء ..
بعد أن أصبحت بديعة قريبة جدّا من كنز سليمان ،كلّ شيئ بدأ يتبخّر بسبب هذه الشّقية ،أقسمت لو قبضت عليها سيكون مصيرها مروّعا …
(يتبع )
من قصص حكايا ألعالم الاخر ..