نشاطات
عبدالله أفندي (بالمر) .جاسوس برتبة أستاذ لغات
.
كانت خطة الإنجليز لاحتلال مصر هى دخول البلاد من ناحية قناة السويس فقام اللورد نورثبروك ـ الرئيس الأول للبحرية البريطانية ـ باستدعاء بالمر أستاذ اللغات الشرقية بجامعة كمبردج والذى على دراية تامة باللغة العربية وله خبرة طويلة في المشرق وكان أحد أفراد بعثة علمية لاستكشاف معالم فلسطين وزار سيناء مرتين لاستكشافها فتم اختياره للاستفادة من خبرته في منطقة سيناء ومعرفته بأهلها في احتلال مصر، فحضر إلى الإسكندرية، حيث تشاور مع الاميرال سيمور في الخطة التي سيتبعها، ثم قصد إلى يافا، حيث اشترى لملابس العربية المطلوبة وتزود بمبلغ كبير من النقود الذهبية ثم بدأ رحلته الصحراوية متظاهرًا بأنه من تجار الإبل، وتمكن من الاتصال ببعض شيوخ القبائل، وبذل جهدًا كبيرًا في التقرب إلى البدو حتى أقبلوا عليه وكانوا يدعونه “عبد الله أفندي”، وذهب إلى حد إسماعهم الشعر العربي والقرآن الذي كانوا يطربون له، كما أكل معهم الخبز والملح واللحم كعهد بينه وبينهم أن يحمي كل منهما الآخر حتى الموت.
وفي أول أغسطس 1882 وصل بالمر إلى السويس، ثم عاد ثانية إلى صحراء سيناء، وكان قد اتصل بشيخ قبيلة الحويطات هناك ويدعى “مطر أبو صوفية” فاستخدمه بالمر لإرسال الرسائل إلى السويس، وبدأ بالمر العمل على قطع أسلاك التلغراف وإحراق الأعمدة لتنقطع الاتصالات البرقية لعرابي
وفى نفس الوقت كان «جيل»، الذى اتخذ لنفسه اسم «الشيخ» محمد يواصل مهمة مشابهة فى محافظة الشرقية ونجح بالاشتراك مع «سلطان باشا» و«أحمد عبدالغفار» و«السيد الفقى» من أعضاء النواب فى إغراء مسعود الطحاوى بخيانة عرابى، وتناول ثمنا لخيانته مبلغا يصل إلى خمسة آلاف كرون نمساوى.
انتقل «الشيخ محمد جيل» إلى السويس فى أغسطس ومعه عشرون ألف جنيه ليسلمها إلى «بالمر» ليدفعها لمن تعاقد معهم شفهيا على الخيانة والمعاهدة بالخبز والملح .
في أثناء إحدى هذه الرحلات المشبوهة التي كان يقوم بها بالمر برفقة كابتن وليم جون جيل وخادم سوري اسمه خليل عتيق وخادم يهودى يدعى باخور حسون وبرفقتهم مطر أبوصوفية وابن أخيه سلامة بن عايض تم نصب كمين لهم من قبل بعض البدو وتم اقتيادهم إلى وادى سدر وتم تخييرهم بين القتل بالرصاص أو إلقاء أنفسهم من أعلى قمة الجبل فاختار بالمر إلقاء نفسه وتم قتل الباقي رميا بالرصاص وألقى بهم في واد سحيق وذلك في حوالى العشرين من أغسطس 1882.
بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر ظل مصير بالمر ورفاقه مجهولا لفترة حتى نجحت جهود السير تشارلز وارن (الذي كان آنذاك ضابطًا برتبة كولونيل) في الحصول على رفات بالمر ورفاقه، لتُدفن لاحقًا في كاتدرائية سانت بول بلندن.