مكتبة الأدب العربي و العالمي

المزارع_وأولاده_الثلاثة النصف الاخير

كان هناك تاجر غريب يأتي للإخوة ،ويعقد معهم الصّفقات، و كلّ واحد يحرص أن لا يراه الآخر ،ويسمع به وفي النهاية أصبحوا لا يكلمون بعضهم وبنوا أسوارا من القصب على حافة أراضيهم ،مرّ عام من العمل والجهد من طرف الابناء الثلاثة، و زرعوا بذورهم ، ورعوا الماشية ،وراود كل واحد منهم الحلم ليختاره والده ويكون خليفته الذي يدبّر الأرض، وجاء موعد النتيجة ، دخل الشّيخ إبراهيم الى ارض ابنه الاكبر محمّد ليرى ماذا فعل،رحب الإبن بوالده طلب منه ان ينظر الى الأرض كيف أصبحت ،فوجدها مليئة بالأشجار المثمرة والجميلة،فقال له أبوه: ما شاء الله !!! والآن أرني صندوقك ،فمدّه له وهو يكاد يفيض من الذْهب.
سأله: ماذا فعلت يا بنيّ لكي تربح كل هذا الخير في عام واحد؟ فأجابه: لقد باشرتها بالرّي والتّقليم ،وظللت أرعاها ليلا نهارا،قال له والده: حسنا، الآن سوف اذهب لرؤية أخيك سعيد ،فوجد أن الماشية قد كثرت عنده فقال له ما شاء الله ، أرني صندوقك ،فكان الذّهب كثيرا مثل أخيه ،سأله : وماذا فعلت لتربح كل هذا المال ؟ فقال : لقد كنت أرعاها وأطعمها أطيب أنواع البرسيم والشعير، وأداويها حتى صارت إلى ما ترى !!! قال له :حسنا ،سأرى أخاك الصغير يوسف ،فلمْا دخل عنده رأى أنّها مقسّمة ثلاثة أقسام :واحد فيه الأشجار وواحد فيه القمح،وآخر فارغ ترعى فيه الماشية مع صغارها،فتعجّب من ذلك ،ولمّا نظر إلى الصّندوق وجده فارغا إلا من بضعة قطع ذهبيّة ،فلما سأله أين ربحك يا يوسف؟ قال له :هذه السّنة لللأرض ،فلقد سمّدتها ،وزدت في عدد العجول، وتركت ثلثها يستريح ،والسّنة المقبلة لي ،قال إبراهيم حسنا ،وملتقانا في المنزل بعد صلاة العشاء،
في المساء إجتمع الأولاد على المائدة، وهم ينظرون إلى أبيهم الذي تنحنح، وقال لهم :من يريد أن ينجح يجب أن لا يهمل شيئا ،وأن يفكّر في المستقبل ،أمّا محمّد فقد إهتمّ بالأشجار المثمرة ، على حساب الماشية ،وإتّفق مع تاجر لشراء الثّمار مدّة خمسة سنوات ،وقبض كلّ الثّمن مقدّما، وملأ الصّندوق بالذّهب، لمّا سمع الولد ذلك طأطئ رأسه ،وتحيّر كيف عرف أبوه بذلك ،ثم إلتفت إلى سعيد ،وقال له :أمّا أنت فاهتممت بالماشية لأنّك إعتقدت أنها أقلّ تعبا ،وأكثرت منها ،وبعت الحليب مغشوشا بالماء ليزيد ربحك ،وبعت والأبقار المريضة على أنها سليمة للجزارين ،وملأت صندوق الذّهب ،أحسّ سعيد بالحرج ،واعتقد أنّ سرّه في بئر .
ثم نظر إلى يوسف إبنه الأصغر ،وقد إتّسعت إبتسامته ،وقال له: أمّا أنت فتعلم أنّ الربح لا يأتي إلا إذا أعطىت الأرض الحبّ والعناية، واستثمرّت فيها لها كان صندوقك فارغا ،وبفضل عقلك سأجعلك خليفتي في تدبير الأرض ،أمّا أخواك سيعملان،عندك ويأخذان أجرا ،وجزءا من المحصول القمح والفول والحمص ،وخروفين هذا قراري ،وقبل أن تنصرفوا سأعلّمكم كيف عرفت بحالكم !!! أنا هو الرجل الذي مرّ عليكم ،واتّفق مع محمّد وسعيد على التّحايل والغشّ لملئ صندوقهما بالذّهب ،وقد تنكّرت بشكل محكم ،وغّيرت صوتي ،فلم يعرفني أحد منكم ،وقد رفض يوسف كلّ المغريات لأنّ الحاذق يعرف أنّ الأمانة هي أساس كل شيئ ،ولقد أعطيت أرضي لمن إمتلك هذه الصفة ،والآن،هل هناك من يريد أن يضيف شيئا ؟ قال أبنائه الثلاثة: لا يا أبي وبارك الله فيك، فلقد إستوعبنا الدرس ،وسننفّذ ما قلت عليه …

إنتهى

من قصص حكايا العآلم الآخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق