اقلام حرة

هل تشفى السلطة الفلسطينية من جرح كورونا؟

فادي ابو بكر

بدأت السلطة الفلسطينية منذ 20 نيسان/أبريل الماضي منح تسهيلات اقتصادية لتخفيف التدابير المتخذة في مواجهة مرض فيروس كورونا، بعد 45 يوماً من فرض حالة الطوارئ، وفي ضوء التصريحات الحكومية الأخيرة، التي تفيد بأن الجائحة في فلسطين تحت السيطرة، وأنه سيتم اتباع نهج التخفيف التدريجي للإجراءات، فإن السلطة على الأرجح تُعد لخطة للتعايش مع فيروس كورونا المستجد على قاعدة ( اطمئنوا لكن احترسوا).

ولا يقتصر التعايش مع كورونا على فلسطين فحسب، حيث يبدو أن العالم بدأ يتجه نحو التعايش مع هذا الوباء، والعودة تدريجياً للحياة اليومية مع فيروس بلا لقاح. وعلى المستوى الإقليمي،ها هو الأردن بدأ خطواته الحكومية لخروج تدريجي من الأزمة، ومصر أعلنت عيد الفطر كنقطة انطلاق لخطة التعايش مع فيروس كورونا المستجد. فيما قررت حكومة الاحتلال فتح المدارس بدءاً من يوم الأحد الموافق 3 أيار/مايو 2020.

تعيش السلطة الفلسطينية أمام اختبار مصيري صعب، فهي مصابة منذ ولادتها بمرض الربو المزمن، تتنفس عبر الاستقرار المالي، واليوم تتجه لاحتقان اقتصادي يهدد بقاءها بسبب كورونا. وفي نفس الوقت ما زالت حكومة الاحتلال تضيّق الخناق عليها عبر حجز أموال المقاصة الفلسطينية، ما يتركها أمام خيارات محدودة، ووضع أكثر تأزماً.

أسئلة كثيرة تفرض نفسها على طاولة الحكومة الفلسطينية: هل الضرورات الاقتصادية تبيح المحظورات الانسانية؟، أم أن رأس المال البشري هو الأساس؟.وإن شفيت السلطة الفلسطينية من جرح كورونا، فإن جرح الاحتلال هو الباقي، ولعلّ كورونا يكون درساً مستجداً لآلية التعاطي مع الاحتلال.

بلا شك فإن كورونا ترك جرحاً في الاقتصاديات العالمية كلها وليس في فلسطين فحسب، ولكن الجرح الفلسطيني أعمق، لوجود فيروس الاحتلال الإسرائيلي، ودرس كورونا يحتّم على السلطة الفلسطينية تغيير شكلها ووظائفها بطريقة تجعل الاحتلال يدفع كلفة احتلاله، ويوقف سياسة الابتزاز والقرصنة الإسرائيلية التي أرهقت السلطة والشعب الفلسطيني دون مقابل أو تأثير سلبي على اقتصاد الاحتلال ومشروعه الكولنيالي.

لم تعد المسألة الآن مقتصرة على كيفية التعامل مع أزمة كورونا، وإنما الاستراتيجية المقبلة التي يجب اتباعها في العلاقة مع الاحتلال، لأن الاحتلال هو الأزمة اللانهائية، وما كورونا إلا ومضة تذكّرنا بمدى هشاشتنا أمام قراصنة العصر إذا ما بقينا على هذا الحال.

– كاتب وباحث فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق