حاولت إنقاذ عصفورة ابنتي من الوقوع في صندوق تسخين الماء الذي ترتفع درجة حرارة أنابيبه الداخلية لتلسع من يجس لهبها …
لم أستطع إنقاذ العصفورة واكتفيت بالصعود على كرسي لحشو المنطقة العلوية المكشوفة بقطع من القماش ، وقبل أن أنتهي فرّت العصفورة و تزحلق الكرسي ، و انتهت عملية الإنقاذ بعملية طبية استغرقت ست ساعات ، تم فيها حشو الساق التي تفتتت ركبتها بمادة عظمية و إيصال الأجزاء المنفصلة بقطع معدنية .
خرجتُ من المستشفى بعد أسبوع عنوة ، ووقعتُ ورقة أتحمل بها كامل المسؤولية ، رغم استمرار ارتفاع درجة حرارتي ، واضطراب نبضات القلب ، و المعدة التي عشت مع آلامها في عزلة شبه كاملة لأعوام …
منعني الأطباء من مغادرة المنزل لثمانية أسابيع ، بدأت في منتصف نوفمبر ، وانتهت في أواخر فبراير بعد تمديد اضطراري ..
عشت في بيتي لأشهر على مقعد متحرك ، كان يعينني على حمل البيت فوق عجلاته بخفة ،وأنا التي كنت أحمل مقعدي أكثر مما يحملني و أحركه بأسرع مما يفعل هو .
أنهيت ثلاثة كتب والرابع قيد التحضير إن لم تسبقني كورونا -بنت الذين -إليه .
أحببت بيتي الذي التصق بي أكثر مما التصقت به أنا .. بصراحة لم أهنأ به .. فما أن استأجرته في آب وفرشته وبدأت بالاستمتاع به حتى أمسك بي ولم يفلتني إلى الآن .. في ظل استبداد الملعون كوفيد الذي يفرض حظر تجوال إلى أجل غير مسمى .
لم أشعر بشوق للخارج طوال كل هذه الشهور …
ارتبطت بالمكان كأنه كتاب المصير ، لا أريد أن أفكر بأن قدم هذا البيت نحس ..لا دخل للبيت .. فلقد أويت إليه بعد انتظاره الطويل لي ….منحني كتبي وعزلتي ،ألِف لغتي ، و دربني على الصبر و الحكمة .. علمته الجنون والاختباء مني في مراياي اللامرئية.
مئة يوم من العزلة … وتزيد .. حلقت شعري كالرجال ، اشتريت ملابس للحج …..أي حج ؟
عفوا، من يقرع الباب ؟
وداعا أيها الموت ، تفضل … اشرب معي قهوة الصباح ، فإني ميتة !