مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية الأسد والثعلب من أدب الحكمة الجزاء من جنس العمل

يحكى أن غابة بعيدة تعيش فيها الحيوانات بانسجام ومحبة ،وكانت السّباع لا تأكل سوى ما يدخل لتلك الغابة من خنازير برية أو غزلان ،وتأتي الضباع والثعالب للأكل بعد الأسود والنمور،لكن مضت فترة ولم يدخل أي حيوان للغابة ،فجاع الثعلب ،واحتال على الحمار الوحشي وأوهم الأسد أنه غريب عن الغابة فقتله، وأكله، بعد ذلك جاء الثعلب ،ومصّ العظام ،ثم مسح شفتيه ،ولاح عليه السرور

لقاء الغزالة والقرد:

وكانت بيوت الحيوانات قريبة من بعضها البعض, فكانوا يزورون بعضهم البعض ومن غاب منهم يسألون عنه, وفي إحدى الأيام تقابلا القرد وجارته الغزالة.
القرد: “السلام عليكم كيف حالك يا جارتي؟ لقد مضت أيام عدة ولم أراك”.
الغزالة: “وعليكم السلام, أنا مشغولة جدا بالصغار, فإنني أستيقظ في الصباح الباكر لإحضار الطعام, ثم أعود لأرعاهم وأنظفهم, وأرعى البيت , وهكذا يمر اليوم واليوم الذي يليه”.
القرد: لا عليك يا جارتي فالحياة هكذا تشغل الجميع, لكن هل رأيت جارنا الحمار الوحشي؟ لأنني كنت مارا اليوم من أمام بيته فوجدت الباب مفتوحا, ولا أثر له فقلقت عليه”.أجابت الغزالة هذا غريب“وأنا أيضا لم أراه منذ يومين, هيا بنا لنسأل عليه”.
ذهب القرد والغزالة إلى بيت الحمار الوحشي لكي يعرفوا سبب غيابه, وبينما هما واقفين ينظران هنا وهناك مرّ الكلب، فسألهما: “لماذا تقفان أمام بيت الحمار ؟ وأخبرهما أنه رآه بصحبة الثعلب في أطراف الغابة, فتعجب القرد والغزالة لأنه ليس من عادة الحمار الوحشي أن يسير مع الثعلب.
قرر ثلاثتهم أن يذهبوا إلى بيت الثعلب, وعندما وصلوا بيته طرقوا الباب ليخرج إليهم قائلا: ” ماذا تريدون؟رد الكلب: “جئنا للسؤال عن صديقنا الحمار الوحشي !!! حك الثعلب رأسه وقال: “ليس لي علم بمكانه. صاح الكلب: ويحك لا تكذب ،لقد رأيته معك ،قال الثعلب: آه ،نعم هذا صحيح لكنه ذهب ولم أره بعد ذلك, ولا  عِلم لي  بمكانه ،فربما هو في ضيافة أحدهم أو غادر الغابة !!! أجاب الكلب من يغادر يحمل أمتعته وفي دار الحمار كل شيئ مكانه ،ولم ينقص شيئ

صدمة الحيوانات:

وبينما هم في طريقهم للبحث عن صديقهم الحمار الوحشي توقّف الكلب قائلا: انظروا أليست هذه ساق جارنا الحمار الوحشي ؟ إنتشر الخبر وأخذت جميع الحيوانات تبحث في كل مكان وقد إشتد بهم الفزع ليجدوا عضامه ملقاة عند عرين الأسد.
فقال القرد” لقد أكل الأسد صديقنا الحمار الوحشي وهو يسير بمفرده في أطراف الغابة”. ردّت الزرافة: “ليست عادة الحمار أن يقترب من هذا المكان لابد أن في الأمر من خدعة،وأنا أشك في الثعلب ،فإن اللؤم في طبعه ،لا يغرّنّكم وداعته ،فكم توجد وراء الإبتسامة الدّواهي .

لقاء الثعلب مع الأسد:

ذهب الثعلب إلى الأسد وسأله :كيف حال مولاي بعد وجبة أمس الشهية؟”
الأسد: “أتقصد الحمار الوحشي؟أجاب الثعلب: “نعم”.قال الأسد: “ولكن كيف أتيت به إلى هنا؟”
إبتسم الثعلب بزهو ،و قال: “لقد خدعته يا مولاي رد الأسد: “يا لك من ثعلب مكار،أريد منك إذن أن تحضر شيئا آخر ما دمت بارعا،وطبعا أترك لك حصة ،هل اتفقنا ؟ وعد الثعلب أن يأتيه كل يوم بحيوان

كشف المستور:

بعد أن علمت جميع الحيوانات بقصة صديقهم الحمار, حزنوا على موته حزنا شديدا, وبينما هم جالسون، جاء الثعلب ،وتصنّع البكاء ثم قال: ” لقد لا شك أن الأسد ظنه حمارا غريبا فالأحمرة الوحشية تتشابه في ألوانها !!! أعتقد أن هذا ما حدث !!! قال القرد:” الحمار جارنا لا يذهب إلى المكان الذي يصطاد فيه الأسد، ولا أحد منا يغامر بذلك وهذا حقا قول غريب أيها الثعلب !!! أحس الثعلب بالحرج وقال :قد يكون مشغول البال ،وظل الطريق ،رمقته الغزالة ،وردت ليس له زوجة وأولاد لينشغل بهم ،وهو دائما رائق ،ويحبّ الحياة،وهكذا نعرفه .
تلعثم الثعلب، وقال: كفّوا عن سؤالي، فانا لا أعلم شيئا : ” كنت أسأله عن كيفية نظافة بيتي”, وهنا علمت جميع الحيوانات أن للثعلب دورا في موت صديقهم الحمار الوحشي, وصارت تحذر منه ، فلم يجد الثعلب حيوانا واحدا يحتال عليه،و يقدمه فريسة لمولاه الأسد.

الجزاء من جنس العمل:

وذهب لعرين الأسد يسترضيه وإنه يبذل قصارى جهده
الأسد: “ادخل أيها الثعلب لقد أعددت لك حفلة”.فطمع الثعلب ودخل لكن الأسد قفز وجاء أمام المدخل :وقال : الجوع يمزق أمعائي, وأنت لا تستطيع أن تقدم لي فريسة أخرى بعد أن ابتعدت عنك جميع الحيوانات”.
الثعلب: “أتغدر بي يا سيدي؟ لقد خدعتني حتى أدخل عرينك، أليس هذا ما فعلته ؟ رد الأسد: “وما الغريب لقد غدرت بصديقك الحمار الوحشي, وأنا لا أجد طعاما الآن غيرك”, وأمسك برقبته ليأكله. ،فتأوه الثعلب وقال : “نعم إني أستحق هذا الجزاء”؛ وهكذا كانت نهايته الأليمة ،واستحق ما صار له فقد خدع صديقه ،فجاء اليوم الذي خدعه فيه الأسد ،وكما يقول المثل :كما تدين تُدان والأيام دِول …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق