بند في صفقة القرن أو ما يسمى ” السلام مقابل الازدهار “- القدس
– بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكلام معقول عن حساسية الموضوع ، لكنه لا يأخذه بعين الاعتبار. بعد ذلك يتحدث عن أن القدس كانت عبر التاريخ مسار الحروب والفتوحات. ثم ينتقل بسرعة ليقول:
– مقاربة هذه الرؤية هي ان القدس موحدة وغير مقسمة وعاصمة دولة إسرائيل ، ويجب جعلها سهلة الوصول للجميع.
– يطرح الفهم الثيولوجي للأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية في القدس بالنسبة للإسلام على سبيل المثال: يقول أن محمد وصل إلى جبل الهيكل / الحرم الشريف ثم صعد (للسماء)! (هذا الفهم الثيولوجي للإسلام)
– الأماكن المقدسة على غير القوى الأخرى التي دمرت الأماكن المقدسة ، حافظت عليها إسرائيل.
– ثم يقول لا بدّ من استمرار الوضع الراهن ، لكنه ينتقل فوراً ويقول بعدها: الناس من جميع الأديان يجب أن يسمح لهم بالصلاة في جبل الهيكل/الحرم الشريف بطريقة تحترم ديانتهم ، مع الأخذ بعين الاعتبار أوقات الصلوات والأعياد (أي التقسيم).
– يستعرض الموقف الأمريكي: يقول أن الموقف الأمريكي من القدس موقف قديم منذ أن شرّع الكونغرس قراراً حولها (علماً أن الكونغرس يسمح للرؤساء بعدم تنفيذ القرار ، وهذا ما حدث حتى وصول ترامب إلى السلطة ، وهو متعلق فقط بهذه الإدارة).
– فيما يتعلق بالقدس: في الصفحات السابقة قال أنه سيغير مسار الجدار ، لكن عندما تحدث عن القدس قال إنه يجب إبقاء الجدار مكانه ، ويجب أن يخدم كحدود بين العاصمتين.
–العاصمة الفلسطينية خارج الجدار: يمكن للفلسطينيين أن يقيموا عاصمتهم خارج حدود القدس الشرقية اليوم. أي إعادة تحديد الحدود بناءً على جدار الضم الإسرائيلي، حيث يمكن للفلسطينيين إقامة عاصمتهم في الأحياء التي تقع على الجانب الشرقي من جدار الضم ويطلقون عليه القدس أو ما يريدون) كأحياء مثل كفر عقب، والجزء الشرقي من شعفاط وأبو ديس).
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، نرى بان البنود المذكورة في صفقة القرن تنتهك بشكل مباشر وغير مباشر الوضع القانوني لمدنية القدس المحتلة، وهي على النحو التالي:
بتاريخ 29/11/1947م اتخذت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرار رقم: 181(2) الذي نص على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيمها إلى دولتين مع الحفاظ على اتحاد اقتصادي بينهما وتحويل القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية مستقلة ذات وضع دولي خاص…
من هنا نرى بأن الحل الجذري للمشكلة الفلسطينية لا يكمن تحقيقه إلا على أساس قرار 181 الذي يمنح كلا شعبي فلسطين حق الوجود المستقل المتكافئ. إلا أن إسرائيل منذ قيامها حتى تاريخه تستمر بخرق أصول ميثاق هيئة الأمم المتحدة، الذي يطالب بالاعتراف بحق كل شعب في تقرير المصير والسيادة الوطنية والاستقلال، وعلاوة على ذلك استمرارها غير المبرر في احتلال أراضي الغير المجاورة لحدودها عن طريق شنها للحروب المتعاقبة.
في عام 1967 أتخذ مجلس الأمن قرار رقم 242، الذي نص على سحب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها خلال حرب حزيران 1967 وضرورة إحلال سلام وطيد عادل في الشرق الأوسط. وبما أن الاحتلال الإسرائيلي بقي على الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية، قطاع غزة والقدس الشرقية) فإن البت في مستقبلها بعد انسحاب القوات الإسرائيلية ليس مجرد مهمة إنسانية بل هي قضية ذات طابع دولي سياسي صرف ولها علاقة مباشرة بمسألة إحقاق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. وتبدي الأوساط الحاكمة الإسرائيلية “حرصها ” بخاصة على القدس التي أعلنت إسرائيل قسمها الغربي بصورة غير مشروعة عاصمة لها منذ عام 1950. وكانت هذه الخطوة المخالفة للقانون قد رفضت بحزم من جانب المجتمع الدولي… وفي 7 يونيو 1967 احتلت “إسرائيل ” مدينة القدس بأكملها. عقب عدوانها الذي بدأ في 5 يونيو من نفس العام.. وفي أغسطس عام 1980 أقدمت “إسرائيل ” على ضم القدس المحتلة. واعتبرتها عاصمتها الموحدة.
وإذا لاحظنا تاريخ الضم. ضم “إسرائيل ” لمدينة القدس؛ وكذا تاريخ ما أقدم عليه الكنيست الإسرائيلي من تشريع القانون الأساسي. الذي فحواه: أن القدس عاصمة “إسرائيل “، حيث نصت المادة الأولى منه على أن: «القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة “إسرائيل “» (30 يوليو 1980). وهو «القانون/التشريع». الذي قام على أساسه الضم..
نقول: إذا لاحظنا هذا وذاك. يتبدى واضحاً أن “إسرائيل “: وإن كانت خلال سلامها مع مصر تخفي مطامعها في تكريس ضم القدس نهائياً وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية؛ فإنها فيما يبدو لم تعد تجد حاجة لإخفاء شيء بعد التوقيع على المعاهدة «المصرية – الإسرائيلية» (في: 26 مارس 1979).
واستناداً إلى قانون الكنيست المشار إليه، أصبحت “إسرائيل ” تعتبر السيادة الكاملة على القدس حقاً لها، لا ينازعها فيه أحد. ضاربة بعرض الحائط القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن: إما تحذيراً لها من مغبة اتخاذ قرار كهذا (القرار رقم 476). أو استنكاراً للقرار الإسرائيلي واعتباره باطلا وفقاً لـ «الشرعية الدولية» (القرار رقم 478).
والواقع. أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تضرب فيها “إسرائيل ” بعرض الحائط القرارات الدولية.. إذ يمثل قرار “إسرائيل ” باتخاذ القدس عاصمة أبدية لها. تحدياً صارخاً للشرعية الدولية وقراراتها.. وفي مقدمتها: القرار رقم 250 لعام 1968. والقرار رقم 253 لعام 1968. الذي اعتبر جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها “إسرائيل ” – بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك – التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس إجراءات باطلة.
صفقة القرن بما يتعلق بالقدس خالفت القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي التابعة لهيئة الأمم المتحدة بشأن القدس “للذكر لا الحصر “, وهي:
1. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 (د2) بتاريخ 29 تشرين الثاني /نوفمبر 1947.
2. قرر الجمعية العامة رقم 273 (د3) بتاريخ 11 أيار /مايو 1949, قبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة.
3. قرار الجمعية العامة رقم 303 (د4) بتاريخ 9 كانون الأول /ديسمبر 1949, إعادة تأكيد وضع القدس تحت نظام دولي دائم.
4. قرار الجمعية العامة رقم 2253 (الدورة الاستثنائية الطارئة -5) بتاريخ 4 تموز/يوليو 1967, دعوة إسرائيل إلى إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس والامتناع منها في المستقبل.
5. قرار الجمعية العامة رقم 2254 (الدورة الاستثنائية الطارئة -5) بتاريخ 14 تموز /يوليو 1967,إبداء الأسف للتدبير التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس.
6. قرار الجمعية العامة رقم 2851 (د26) بتاريخ 20 كانون الأول /ديسمبر 1971,مطالبة إسرائيل بان تلغي جميع الإجراءات لضم أو استيطان الأراضي المحتلة، والطلب من اللجنة الخاصة الاستمرار في عملها.
7. قرار الجمعية العامة رقم 2949 (د27) بتاريخ 8 كانون الأول /ديسمبر 1972,التعبير عن القلق الشديد لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ومناشدة الدول جميعا ألا تعترف بالتغييرات التي قامت بها إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة وان تتجنب أعمالا، بما في ذلك المعونة، التي يمكن أن تشكل اعترافا بذلك الاحتلال.
8. قرار الجمعية العامة رقم 35/207 بتاريخ 16كانون الأول / ديسمبر 1980 ,إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني بشدة، والتأكد من جديد على الرفض الشديد لقرار إسرائيل بضم القدس.
9. قرار مجلس الأمن رقم 250 (1968) بتاريخ 27 نيسان /ابريل 1968,دعوة إسرائيل عن الامتناع عن إقامة العرض العسكري في القدس.
10. قرار مجلس الأمن رقم 251 (1968) بتاريخ 2 أيار /مايو 1968,إبداء الأسف العميق على إقامة العرض العسكري في القدس.
11. قرار مجلس الأمن رقم 252 (1968) بتاريخ 21 أيار /مايو 1968,دعوة إسرائيل إلى إلغاء جميع إجراءاتها لتغيير وضع القدس.
12. قرار مجلس الأمن رقم 267 (1969) بتاريخ 3 تموز/يوليو 1969,دعوة إسرائيل مجددا إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شانها تغيير وضع القدس.
13. قرار مجلس الأمن رقم 271 (1969) بتاريخ 15 أيلول / سبتمبر 1969,أدانه إسرائيل لتدنيس المسجد الأقصى، ودعوتها إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شانها تغيير وضع القدس.
14. قرار مجلس الأمن رقم 298 (1971) بتاريخ 25 أيلول / سبتمبر 1971,الأسف لعدم احترام إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بإجراءاتها لتغيير وضع القدس.
15. قرار رقم 465 (1980) بتاريخ 1 آذار /مارس 1980, مطالبة إسرائيل بتفكيك المستوطنات والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس.
16. قرار رقم 476 (1980) بتاريخ 30 حزيران /يونيو 1980, إعلان بطلان الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير طابع القدس.
17. قرار مجلس الأمن 478 (1980) بتاريخ 20 آب / أغسطس 1980, عدم الاعتراف ب ” القانون الأساسي “بشأن القدس ودعوة الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية منها.
18. قرار مجلس الامن 2334 (2016) بتاريخ 23/12/2016، بإدانة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، فان الرئيس الامريكي دونالد ترامب تجاوز القانون الدولي وقرارات هيئة الامم المتحدة بقوله ان القدس عاصمة لدولة اسرائيل غير المجزأة.. وهذا الموقف الترامبي يتناقض مع السياستين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الامريكية ويضعه تحت المسائلة القانونية لخرقه كل المبادئ والأسس التي قامت عليها الشرعية الدولية بما يتعلق بحل الصراع العربي الاسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية.