الرئيسيةمقالات

ونحن نودع ايقونة شبابية #لينا_بن_مهني

حنان العريض / تونس

 

ونحن نودع ايقونة شبابية #لينا_بن_مهني
#سندريليات_شبابية إليك السيد #رئيس_الجمهورية
حين قال قيس سعيد بأنّ الدستور الحقيقي كتبه الشباب على الجدران، تحرك الجميع ساخرا ومستهزئا ومنخرطا في حملة جمع فصول بائسة تعكس وعي اصاحبها الهادرين لمجهود لا أساس له.
نعم الدستور الحقيقي خطه الشباب على الجدران.. ربما تختلف الجدران ولكنها تبقى محامل مادية احيانا ومعنوية أحيانا أخرى.
اذكر جيدا فصولا خطها الشباب على جدران لا تزال راسخة بداخلي.
في سنة 2013 كنت محظوظة جدا حينها بإشتغالي خطة #ميسرة_الحوار_الدستوري التابع لـ #برانمج_الأمم_المتحدة الانمائي (PNUD). كان مشروعا جادا. انخرطت فيه العديد من المنظمات المدنية لتفسير #مسودة_الدستور للشعب التونسي وتقديم تقارير حول تعديلات مقترحة من الفئات المستهدفة التى انخرطت في المشروع.
شخصيا، استهدفت فئة الشباب إيمانا مني بدوره في الثورة وإيمانا مني بأن الشباب هو الحاضر وهو المستقبل وبالتالي على الدستور المرتقب أن يستوفي حاجاته الراهنة والقادمة.
وداخل فئة الشباب انصب اهتمامي على مشاغل:
1 الفتاة الريفية
2 العاملين بالسوق المغاربية ببنقردان حاملي الشهادات العلمية العليا
3 تلامذة المعهد النموذجي
مجرد التفكير في هذه الفئة لتكون مساهمة في تعديل الدستور أمرا استحسنته الجهات المشرفة على البرنامج. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تطور لتثمين تلك المساهمات حين استكملت الورشات ورفعت المقترحات مصحوبة بالمؤيدات للمقرر العام للدستور.
شباب ينظر للسياسة من جانب آخر.. لعل أول ما شدّ انتباهي الاهتمام الواسع لذلك الشباب بباب الحقوق والحريات والسلط رغم ان الورشات كانت متفرقة وفي معتمديات مختلفة وبأوقات مختلفة بإعتباري الميسرة للحوار الدستوري ولا يمكن أن أشرف على اكثر من ورشة في اكثر من مكان في الآن نفسه. مهمتي الأولى كانت تفسير فصول الدستور. فعلا المهمة لم تكن سهلة. كانت دقيقة ومعقدة. ذلك الشباب الحالم لم تعجبه تلك الفصول الغريبة عنه وقدم مقترحات تعديلية تستجيب لحاجته لتنظيم واجباته وحفظ حقوقه كما بحث عنها.
أوقات ممتعة قضيتها مع شباب يافع طامح بعد ثورة بأن يرقى ببلده إلى مصاف الدول الديمقراطية الشاهدة لتحولات شاملة علما وتكنولوجيا وبحثا في جميع شؤون مواطنيها.
لم أكن أعلم أن الفتاة الريفية بتلك الحيوية وذلك العمق وإن بدت بسيطة في تعبيراتها ولكن صدقها وعفويتها تجعلها قريبة منك لتنعكس مطالبها منظومة بتلقائية وعفوية جاهزة لا تحتاج تنميقا او تغليفا..
شباب الشهائد العليا العاطلين عن العمل والعامل بالسوق المغاربية ببنقردان أُقر بأنه تنظيما سياسيا اكبر دقة وهيكلة من أحزاب كرتونية تصدرت المشهد في العشرية الجارية. نعم كرتونية منصهرة ومنشطرة وبكل التحولات النووية والاشعاعية تظل كرتونية ولا مستقبل لها بتلك القيادات البائسة والقواعد الهشة المتحركة الأهواء فهي لا تتقاطع وأهواء متحركة لقيادات واهمة.
اما تلامذة المعهد النموذجي عينة شبابية أخرى بلون آخر. هي الأقرب إلى قلبي وعقلي دائما. هذا اللون من فئة الشباب له خصوصية لن تجدها في غيره. لن أقول بأنه براغماتي او أنه لا تعنيه السياسية او أنه منشغل عنها او منشغل بها. ربما كل ذلك معا. ولكنه فعلا فئة وجب استهدافها فرؤيته تتباين عن الآخر ولكنها ضرورة لغنى المشهد وتنوعه. ضرورة لعمق رؤيتها ودقتها. وضرورة لتصوراتها البعيدة واللامتناهية المدى والمتناهية الدقة.
كم انت عظيم يا شباب تونس العظيمة. كم انت بائس يا شيب تونس. يحق فيك قول الشاعر «قل لمن يدعي في العلم فلسفة.. علمت شيئا وغابت عنك أشياء»
هذا الشباب لن افيه حقه في الحديث عنه مهما قلت ومهما وصفت.. ولكنه يظل حجرا ثابتا بداخلي.. أعلم انك يا شباب اليوم قد زدت تطورا وقفزت درجات عالية قد يصعب الالتحاق بك.. احاول ان لا أتوقف عن الركض وراءك وإن كُنت آخر الترتيب في السباق معك فهو أشرف لي من ان لا أكون معك او بعيدة عنك.
شباب اليوم يتحدث بتقنيات عالية وبلغة تكنولوجية متسارعة النمو والتحديث والتطوير.. شباب اليوم كل حاجاته تستوفيها تطبيقات في أجزاء من الثانية.. شباب اليوم وجب النظر إليه بعين أخرى.
هناك شباب كثير يحمل طاقات هامة هدرها اضطهاد دولة فسادة لا تنظر لمنسوبيها بعين الرحمة وبعين الحق والواجب وبعين القانون والمساواة والعدالة.
لينا بن مهني رمز من رموز ذلك الشباب الذي حدثكم عنه.. رحلت لينا بعد أن بنت جدرانها.. جدران تعددت بتعدد اطلالاتها.. جدران الكترونية وجدران سمعية واخرى بصرية. وأيضا جدران ميدانية تجد اثرها اين ذهبت.. كلها منصات أسست لها مذ سلكت طُرقها النضالية المتشعبة لتنفذ بها إلى سجون فكت لينا أسرى قابعيها بمخزون ثقافي عجزت وزارة الثقافة ان تلتقط لحظاته.. لينا التى اثثت السجون بأكثر من 45 ألف كتاب وجد فيهم السجناء حريتهم المنشودة. في حين وزارة الثقافة ترمي الكتب في المزابل.. كتب مدعومة بأموال الشعب وأموال الدولة عجز وزير بائس لقصور فكره على بناء مشروع ثقافي يقاوم به الجريمة بمقاربة ثقافية.
رحلت عنهم لينا.. عنهم هم «الساسة» وجاءت إلينا لينا.. إلينا نحن «الاساس» (الساس) او الجدار الذي شيدت حجره بثبات متناسق لن يمحي أبدا..
هذه رسالتي إليك السيد رئيس الجمهورية حين شعرت أنك تبحث عن دستوري حقيقي كتبه الشباب على الجدران. جدران قد تكون مادية أو معنوية ولكنها تظل محامل لتدبير شأن العامة والخاصة. القانون والدستور وانت استاذهم جُعل لترجمة حاجة الناس إليه لتنظيم شأنهم العام وما حاد عن ذلك وجب تعديله أو إلغائه دفعة واحدة.
في الختام أتوجه بشكري الكبير لكل من شغل ببرنامج الحوار الدستوري للأمم المتحدة وأخص بالشكر الشباب المشارك في الورشات التي سعدت بالإشراف عليها وخير ما أختم به شكري للأستاذ إلياس الزين المنسق الوطني للبرنامج.
#تونس_بشبابها
#حنان_لعريض

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق