الرئيسيةمقالات

قراءة يقدّمها الشاعر وليد أبو طير في ديوان “عربيّة هذي أنا

لميساء الصح

قراءة يقدّمها الشاعر وليد أبو طير في ديوان “عربيّة هذي أنا” وكلّي فخر به وامتنان له وذلك لما قدمه في قراءته المعبّرة والشاملة

بعدما حزتُ على ديوان الشاعرة ميساء الصِّح: عربيةٌ هذي أنا… كان لا بدّ لي وقد اخذتُ على نفسي أن أقرأَ الديوان لأبحثَ عن مكامنِ الجمال فيه، لأجدَ نفسي أمام عملٍ ادبيٍّ يستحق التوقف عنده، فكان لزاماً عليّ أن أكتب عنه بما أستطيع وذلك للأمانة الأدبية رغم أنّني لستُ ناقداً او محللاً أدبيا، إنما لا أنكر معرفتي باللغة وحبّي اللامتناهي بها بل وغرامي بها.. وجدتُ الديوان يشتمل على أبعادٍ عديدة: البُعدُ الإنساني، والاجتماعي، والتربوي، والديني، والغزلي. وهذا التعدد إِنْ دلّ على شَيْءٍ إنما يدل على مدى سعةِ آفاق الشاعرةِ وثقافتها، وعلى وعيها لدورها كشاعرةٍ تعيش همومَ مجتمعها، راصدةً همومَهُ وأزماتهِ ومشاكلهِ، فضلا عن انفتاحها على ازمات القضايا العربية الاخرى..
لا أريد أن أتحدثَ عن لغةِ الشاعرة، فالشاعرةُ متمكنةٌ جدا من ضروب اللغةِ، وقد وظفتها بمهارةٍ عاليةٍ في قصائدها التي وجهتها الى متذوقي الشعر فكانت لغةً متينةً فيها الصور الفنية الجميلة جداً والتشبيهات، والتقديم والتأخير وغيرها من فنون اللغة… وفِي المقابل نجد الشاعرة المربية التي تختار الألفاظ القريبة من الطلاب في قصائدها، حتى يفهموها ببساطة ويحفظوها، لأنها تشتمل على قيم تريد الشاعرة ان تزرعها في نفوسهم ليصبحوا أفراداً إيجابيين في مجتمعاتهم مثل قيم : التسامح، الاحترام ، التعاون، المسؤولية، الصدق، المحبة، العطاء … .
تستهل الشاعرة ديوانها بقصيدةٍ حملت اسم الديوان: عربيّةٌ هذي أنا …. واعتقد انها وفقتْ في اختيار العنوان الى حدٍ كبير .. فكان استهلالاً عنيفاً ومثيراً .. جملة اسمية: عربيةّ هذي أنا …. تحمل الكثير من المعاني والدلالات العميقة وربما تكشف في رايي عن احد ابعاد شخصية الشاعرة.. ماذا تودُّ الشاعرةُ ان تؤكد من خلال هذه البداية؟؟ حتى انها كررت هذي العبارة : ثلاث عشرة مرّةً ولَم يكن التكرار عبثيّاً بل كان ضرورياً ومهماً.. هل تراها ارادت ان ترسم بعض ملامح شخصيتها الوطنية المتحذرةِ بالأرض ” ملامح الفلاح تعجن وجنتي” .. وغيرها من المقاطع التي تؤكد على البُعدِ الوطني والاعتزاز بالارض والتمسك بها. ومن ثم تنتقل الى قصيدة اخرى ” القدس ” وهي ذات ارتباط وثيق بالبعد الوطني والديني فهي تعترف بسحر هذه المدينة وان فيها سرٌّ يجعلها ترتبط بالمدينة وهي تريد ان تكشف هذا السر ” قولي ما السرّ يا قدسي” ” ودعيني وحدي أكتشفُ ”
وهذا لعمري يدلل لنا عن بعد اخر في شخصية الشاعرة وهو سعيها الدؤوب لتحقيق الأهداف التي تطمح الى تحقيقها .. فهي لا تكل ولا تمل ” شخصية طموحة” … وهذا أيضا ما تسعى الى تحقيقه في طلابها في قصيدة ” نعم نحن نستطيع” …
وإذا أمعنَّا القراءة نجد البُعد الاخر في شخصيتها وهو الاعتزاز بالنفس، وهذا حقٌّ مشروع فهي تثق بنفسها ولا تأبه للمغرضين والحاسدين ” لا تجهد نفسك في غيظي .. ما أغتاظ محيطٌ من سُفنِ ” يا لروعة البيان والصورة الفنية.. ويظهر هذا البُعد في قصائد عدة: فما ذنبي .. يا سيّدي .. لا تجهد نفسك .. لستَ بقيدي …
وفِي البُعدِ الإنساني نجد الشاعرة تتأثر بما يجري حولنا ونجد ذلك في عدة قصائد : حسّ النّدى .. الى الأطفال في الشتات …
وفِي البُعدِ الاجتماعي : نجدها في بعض القصائد تدعو الى معالجة بعض الأمراض الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع : كالحسد .. الغدر .. عقوق الوالدين من خلال قصيدة ” الى امي” .. فما ذنبي … وفي المقابل تدعو الى منظومة القيم البناءة التي تودُّ ان تنتشر بين أفراد المجتمع : السلام ، المحبة ، الاحترام والتقدير ، وغيرها من الفضائل..
وهناك أيضا القصائد الدينية التي تؤكد على الوازع العقائدي عند الشاعرة في مناجاتها لله ” الحمدلله” و” حبيبي يا رسول الله ” …
وفِي القصائد الغزلية نجد فيها العتاب ” خذني معك” واللهفة والوجد. والشوق..
وأخيرا فقد وجدتُ في هذا الديوان تنوع في الموضوعات حيث يستطيع القارئ ان يجد ما يريد ان يقرأه، بلغة جميلة قريبة للفهم، في الوقت نفسه هناك قصائد يمكن اعتمادها لتكون ضمن مناهج الدراسة والتي عند تحليلها سيتم التطرق فيها الى قضايا نحوية وصرفية وقضايا بلاغية وبديعية وصور فنية …..
أرجو ان اكون قد وفقتُ في الوقوف على ما جاء في الديوان، واعود واقولُ انا لستُ ناقدا بل متذوقاً لقراءة الشعر وكتابته. وهذا الذي دفعني اذ تجرأتُ وتحديتُ نفسي لتناول الديوان وكتابة هذه المقالة
…………..
مع تحيات وليد ابو طير … تحياتي استاذة ميساء

تمّ التقاط الصورة خلال أمسية شعريّة في بيت لحم جمعت خيرة الشعراء والمبدعين حيث التقينا بالشاعر وليد أبو طير ليزداد الحضور ألقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق