كثيرًا ما سمعنا السياسي والروائي والكاتب الصحفي المرحوم إميل حبيبي يكتب ويقول : ” تكفرسوا يا عرب “، وذلك تقديرًا واحترامًا واعتزازًا بهذه البلدة العربية الفلسطينية المتربعة على صدر الجليل، بلد التآخي والمحبة، والعلم والثقافة، وبلد النهضة السياسية والفكرية والثقافية، بعيدًا عن كل أشكال وألوان الطائفية المقيتة.
لقد اشتهرت كفر ياسيف بمدرستها الثانوية على اسم خالد الذكر ” يني يني “، التي تخرج من معاطف معلميها كبار المثقفين والاكاديميين ورجالات الأدب والثقافة، وعلى رأسهم الشاعر الكبير المرحوم محمود درويش والشاعر المرحوم سالم جبران، والشاعر سعود الأسدي، أمد اللـه بعمه، وسواهم الكثير.
وكانت هذه البلدة شهدت مخيمات وأعراس العمل التطوعي، وقبل ذلك احتفالات أول أيار، ومهرجانات الشعر الوطني بمشاركة شعراء الشعب والوطن والمقاومة. وقد اتاها الشاعر الراحل ابن قريتي العزلاء ” مصمص ” يومًا، حيث غنى وهتف لها قائلًا :
اليوم جئت وكُلُنا سُجناءُ فمتى أجيءُ وكُلنا طلقاءُ
يا كفر ياسيفٍ أردتِ لقاءنا فتوافدت للقائكِ الشعراءُ
أسرى بهم كرمُ الجليلِ فأقبلوا فكأنّ ليلتَهُمْ هي الأسراءُ
وانا أتيتُ مِنَ المثلث حاملا همّا لهُ في خاطري ضوضاءُ
وتحيةً عربيةً منْ قريتي شرقيةً ألفاظُها سمراءُ
وهذا الصباح طالعتنا وسائل الاعلام المختلفة بنبأ اطلاق النار على بيت رئيس المجلس المحلي فيها شادي شويري، وهو أمر مؤسف وعمل مرفوض جملة وتفصيلًا، واعتداء على ممثل جمهور منتخب، ويأتي في ظل استشراء أعمال العنف والجريمة في الوسط العربي.
إنه حادث بعيد كل البعد عن عادات وأخلاق وشيم هذه البلدة المتآخية، التي غرس ابنها الراحل نمر مرقس بذور المحبة الصادقة بين أهاليها وناسها ومختلف طوائفها.
إننا إذ نرفض ونستهجن ونستنكر هذا العمل، نحذر من عواقبه وأُثاره السلبية على مستقبل كفر ياسيف ولحمة أهلها، وعلى الجميع التضامن مع رئيس مجلسها شادي شويري، والعمل على تطويقه وصيانة السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي فيها. وحذار من الاجندة الخارجية وخفافيش الظلام، واليقظة اليقظة يا اخوتنا الكفارسة، فحل النزاعات والخلافات الداخلية تحل فقط بالحوار والعقلانية، وليس بالرصاص وكاتم الصوت.