طلال حيدر شاعر لبناني، ابن مدينة بعلبك ذات المد القومي وخزان المقاومة اللبنانية، لطالما أحببنا بوحه وقصيدته المحكية العامية. له مطرحه الأنيق في عاميات الشعر العربي الجديد، وفي قصائده المغناة الصافية العذبة.
عرف واشتهر بصوره الشعرية البسيطة القوية الجميلة المدهشة، التي تصف الطبيعة اللبنانية وحبه لأرضها، واحساسه العميق بكل تفصيل. غنى من قصائده وأشعاره الكثير من كبار الفنانين والمطربين اللبنانيين كفيروز ومارسيل خليفة وماجدة الرومي.
لكن هذا الطلال صدمنا عندما اطل قبل أيام مع بهية الحريري، من على منبر العيد الوطني السعودي، الذي أقيم في بيروت، حيث ألقى قصيدة مديح ركيكة لا ترتقي لمستوى قصائده المعهودة، كال فيها المديح للمملكة السعودية وولي العهد الطاغية محمد بن سليمان.
وبهذا الصدد كتب الصحفي اللبناني بيار أبي صعب في جريدة الاخبار اللبنانية مقالة تحت عنوان ” انتحار شاعر “، ومما قاله : ” هذا المديح في الزمن العربي الرديء، خيانة وطنية، وانحياز للسفاحين.. من أجل حفنة من الدولارات. الشعراء الكبار كتبوا الروائع في مدائحهم بينما طلال حيدر قال ” شعرًا ” يشهد بالزور لاحد أبشع الانظمة الانحطاطية في تاريخنا العربي الحديث، ولطاغية جمع في فترة وجيزة كل آفات الظلامية وجرائم الحرب، وتصنيع التكفير والخيانة القومية، وسجن المعارضين والمعارضات، والتنكيل بالإعلاميين وقتلهم ولو كانوا من حاشية النظام “.
لقد أبى الشاعر طلال حيدر ألا السقوط في أواخر العمر وقد بلغ من العمر عتيًا، وهي خاتمة لحياة مديدة اتسمت بالعطاء والابداع الشعري المميز الجميل. فيا للعار، وما أبشع السقوط كقامة شعرية مثل طلال حيدر في قاع بئر أعداء الحياة والفكر المستنير والثقافة الديمقراطية الانسانية والاخلاق السامية، واصحاب البلطجية والعدوانية والرياء السياسي، ومملكة الذل وقطع الرؤوس، مقابل حفنة من المال..!!