ثقافه وفكر حر

من اختيارات التربوي المتقاعد عوني عارف ظاهر قصة المثل القائل: ” دقة بدقة ولو زدت لزاد السَّقا ” ما هي قصة هذا المَثَّل الشهير ؟

يُحكى أن هناك تاجرا من مدينة الموصل في شمال العراق ، وهذه القصة وقعت بمطلع القرن الماضي
وذاك التاجر صاحب خلقٍ ودين واستقامة ، وكثير الإنفاق على أبواب الخير من الفقراء والمعوزين وباني المساجد ومشاريع الخير .

فلما كبرت به السن ، وكان له ولد وبنت ، وكان كثير المال وذائع الصيت ، أراد أن يسلّم تجارته لابنه ، حيث كان التاجر يشتري من شمال العراق الحبوب والأقمشة وغيرها ويبيعها في الشام ، ويشتري من الشام الزيوت والصابون وغير ذلك ليبيعه في العراق .

وبعد أن جلس مع إبنه وأوصاه وعرّفه بأسماء تجار دمشق الصادقين ، وأوصاه بتقوى الله إذا خرج للسفر ، قال له :
( يا بني ، والله إني ما كشفت ذيلي في حرام ، وما رأى أحدٌ لحمي غير أمّك ، يا بنيّ حافظ على عرض أختك بأن تحافظ على أعراض النّاس ) .

وخرج الشاب في سفره وتجارته ، وباع في دمشق واشترى وربح المال الكثير ، وحمّله تجّار دمشق السلام الحار لأبيه التاجر التقيّ الصالح .

وخلال طريق العودة وقبيل غروب الشمس ، حطّت القافلة رحالها للراحة ، أما الشاب فذهب يحرس تجارته ويرقب الغادي والرائح ..
وإذا بفتاة تمرّ من المكان ، فراح ينظر إليها ، فزيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه الأمّارة بالسوء ، فاقترب من الفتاة وحاول أن يمسك يدها بغير إرادتها ،
لكنه سرعان ما انتبه الى فعلته وتيقّظ ضميره ، وتذكّر نظر الله إليه ، ثمّ تذكّر وصية أبيه ، فاستغفر ورجع إلى قافلته نادماً مستغفراً .

أما في الموصل ، وحيث الإبن ما زال في سفره الذي وقع فيه ما وقع ، كان والده في بيته يجلس في علّيته وفي زاوية من زواياها ، وإذا بساقي الماء الذي كان ينقل إليهم الماء على دابته يطرق الباب الخارجي لفناء البيت ، وكان السّقا رجلاً صالحاً وكبيراً في السن ، واعتاد لسنوات طويلة أن يدخل البيت ، ولم يُرَ منه إلا كلّ خير .

خرجت الفتاة أخت الشاب لتفتح الباب ، ودخل السقا وصبّ الماء في جرار البيت بينما الفتاة عند الباب تنتظر خروجه لتغلق الباب ، وما أن وصل السقا عند الباب وفي لحظة خاطفة زيّن له الشيطان فعل السوء ، وهاجت نفسه الأمّارة بالسوء فالتفت يميناً وشمالاً ، ثمّ مال الى الفتاة وأمسك يدها ، ثم مضى !

كل هذا والوالد جالس في زاوية من زوايا البيت الواسع يرى ما يجري دون أن يراه السّقا ، وكانت ساعة الصمت الرهيب من الأب ، ثم الإسترجاع أن يقول : ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) ، ثم يقول : ( لا حول ولا قوّة إلا بالله )
وفكرَّ أنّ هذا السّقا الذي ما فعل هذا by له جملته المشهورة :
( يا بُنيّ ، دقة بدقة ، ولو زدت لزاد السقا )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق