تعددت الكتابة الروائية وكثر كتابها في هذه الأيام لدرجة غير مألوفة بحيث طغت على كتابة الشعر الذي له الريادة في الأدب العربي باعتباره ديوان العرب وهو الشيء الذي يمكن تفسيره لسببين :أولهما اما للاعتقاد بسهولتها ذات الطابع السردي للوقائع باعتبارها تتميز بأسلوب أدبي فسيح تتطور في شكلها ومضمونها بدون توفر عاطفة متقدة كما هو حال الشعر وما أكثر الوقائع الحياتية في عالم اليوم الذي يعاني من مظاهر البؤس والقهر والاضطراب كما يعاني من مظاهر الصراع السياسي بكافة دوافعه الامر الذي يتيح للكاتب اختيار ما يريد من نماذج الحياة الكثيرة المتنوعة وثانيهما : طلبا للشهرة الأدبية حيث للرواية مكانتها الإبداعية الرفيعة من بين الأجناس الأدبية إلى درجة أن مذاهب النقد الأدبي الحديثة جعلت هذا العصر
هو عصر الرواية . . ولكن ليس كل من صدر له عمل روائي في ساحتنا الأدبية الفلسطينية يمكن اعتباره كاتبا روائيا لأن الكثير من الأعمال الروائية التي صدرت حديثا كانت تنقصها المقاييس النقدية المعروفة وهي في الغالب كانت أشبه بمقال يغلب عليه طابع التقرير حيث تميل غالبية أحداثها للماضي” ماضوية “فالزمن في الواقعية الثورية يتطور ويتحرك ولكن في حدود الوعي التاريخي فلا إيديولوجيا ثورية فيها تعبر عن أندحار الثقافة الرجعية التي تعطي للرواية قيمتها النضالية ولا بطل محوري تتطور من خلاله الشخصيات والأحداث لأن معالجة قضية البطل لا تلبي فقط رغبات القاريء بل تعكس بصورة أدق رؤيا الكاتب وموقفه الايدولوجي والسياسي من العالم الذي يعيش فيه والمجتمع الذي ينتمي إليه وبقدر ما تكون للرواية قيمة أدبية بقدر ما يكون فيها البطل إيجابيا غير سلبي وكذلك ولا استشراف للمستقبل جاءت به وهو العنصر الهام بحكم العلاقة الوثيقة بين الرواية والرؤية المستقبلية بل تسجيل للواقع كما هو مما يفقد قدرتها على التنبؤ …
وهكذا يمكن اعتبار كتاب الرواية الفلسطينية مجموعة نخبوية قليلة لا تصل إلى هذا العدد الكبير الذي أصبح يسجل لكتاب الرواية اليوم وفي مقدمتهم الذين نالوا شهرة أدبية خارج النطاق المحلي والعربي ايضا يأتي أميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا ويحي يخلف وغسان كنفاني وغريب عسقلاني ورشاد أبو شاور وعبد الكريم السبعاوي وعبد الله تايه وإبراهيم نصر الله وسحر خليفة و.. غير أن أصحابها للأسف لم يحصل أي واحد منهم على جائزة نوبل الأدبية للسلام كما حصل عليها من الأدباء العرب نجيب محفوظ رغم أن الحصول علي الجوائز الأدبية
لا يعني بالضرورة الأدبية أهمية العمل أو قدرة صاحبه على الإبداع الفني فقط بقدر ما تتحكم عوامل أخرى سياسية وغيرها في نيل هذه الجوائز. . بل أيضا لم تصل أعمالهم الروائية رغم توفر مقوماتها الإبداعية باستثناء رواية رجال تحت الشمس لغسان كنفاني إلى شهرة رواية الذباب لسارتر أو لرواية تولستوي الحرب والسلام أو لرواية في الأدب العربي للكاتب السوداني الطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال. .. وهو الشيء المحزن حقا ..