غرفة جدتي كانت صغيرة عابقة دائما برائحة البخور ومزينة بصور كثيرة وفي ركن منها توجد خزانتها القديمة التي تحتوي أشياء متعددة خزانة صغيرة من الخشب القديم وضعت فيها جدتي ما استطاعت من أثواب مطرزة وخيوط صوفية ملونة واحذية بهت لونها وأشياء كثيرة لها علاقة بالماضي الجميل الذي عاشته مع جدي كولاعته ذات الفتيلة التي تزود بالكاز وعلبة سجائره الفضية وسبحته السوداء الطويلة وكوفيته وعقاله ……….. #غرفة جدتي الطينية الواطئة لها نافذة صغيرة تكاد تلامس ارض الشارع الترابي الضيق ..يطل الصغار من نافذة جدتي لأن لها رائحة مميزة فيرونها تجلس بين ركام الأشياء القديمة وتتمتم بشفتيها لتطرد الشياطين ومن بين الأشياء التي تعودت أن تنظر اليها بعينيها الذابلتين المذياع الخشبي الكبير الذي اشتراه جدي من شارع جمال باشا في يافا والذي اعتاد أن يسمع منه كل مساء نشرة أخبار إذاعة الشرق الأدني التي كانت تبث في تلك الأيام من القدس والساعة الدقاقة الكبيرة المعلقة على الجدار ..الصوت الوحيد الذي تحب جدتي سماعه تلك الدقات التي تبعث في نفسها الحنين ………………..
# في غرفة جدتي كنت اجلس في ليالي الشتاء قرب الموقد وأشعر بالفرح ..تسألني ببراءة الأطفال عن دروسي وعن زوجة أخي الكبير التي لم تلد بعد وعن أشياء أخرى كثيرة تمضي ساعات الليل تهبط الأمطار بغزارة فانظر إلى وجه جدتي فارى انه قد أصبح ذابلا وكان لدفء الغرفة الصغيرة شعور لذيذ يسري في العروق مما يجعلني أغادرها وأعود إلى البيت لتبدأ جدتي بجسدها الهزيل المرتخي في الفراش رحلتها مع النوم العميق والاحلام حيث لابد أنها ستتراءى لها في الحلم أشياء ماضية كثيرة عاشتها مع جدي في غاية الجمال والسعادة ..