مقالات

يتوجب علينا حماية الأقصى

إ. د .حنا عيسى

ك(الصورة التي يحاول الاسرائليون فرضها على البلدةالقديمة وهي كما يتخيلونها مدينة ذات طابع اسرائيليبدون وجود اي طبقات حضارية اخرى ويعملون على كافةالنواحي السياسية والاثرية والتخطيطية والقانونيةلتنفيذ النموذج الذي يتخيلونه)

جاء المسجد الأقصى تتويجا لواقعة الاسراء والمعراجوسجل ضمن الوقائع المثبتة انه وحدة معمارية متكاملةيعود تاريخها للفترات الاسلامية المتقدمة، وبالتدقيق فيموقعه المنحدر والحلول التي قدمت لتصميمه نلاحظكيفية تعامل مصمميه مع الموقع المنحدر، فقد قرر بناءأساسات المبنى بالمقاطع الصخرية المنحدرة، ما ينفيقيامه على اي مبنى سابق، ولحل مشكلة ربط البناءالرئيسي بالساحة، تم رفع المبنى والساحات المرافقة فوقتسوية وهي ما يعرف اليوم بالمصلى المرواني، والجديربالذكر ان المسجد الأقصى مر بتغيرات كثيرة جدا وجذريةوذلك بسبب الزلازل المتلاحقة التي ضربت القدس وادتالى تدميره جزئيا او معظم اجزاءه أربع مرات، إن هذهالدلائل التي قدمها علماء الآثار على مر العصور تنفيالرواية الاسرائيلية التي يزعمون بها وجود هيكل سليمانأسفله.

الخطير في الفكر الاسرائيلي هو اختيارهم للعمق الذيتتقاطع خطوطه مع العديد من المنشآت القائمة الان أهمهاالمسجد الأقصى مما يعرضها جميعها لخطر الزوال، الأمرالذي ينذر بحلول صراع شامل وقد يكون دموي في مرحلةمن المراحل لما للمسجد الأقصى بشكل خاص مكانه فينفوس الامتين الاسلامية و العربيةوالأخطر من ذلكأنالدولة الاسرائيلية لا تتعامل مع البلدة القديمة كتراثعالمي كما هو، بل تحاول العودة بالزمن لرد الطابع الذينيدعون أنه كان سائدا قبل ثلاثة الاف عام،  فنجدهم لايولون أية اهمية لأية آثار لا تمت لهم بصلة وتثبت زيفادعاءاتهم عن طريق التدمير أو الاهمال.

الصورة التي يحاول الاسرائليون فرضها على البلدةالقديمة وهي كما يتخيلونها مدينة ذات طابع اسرائيليبدون وجود اي طبقات حضارية اخرى ويعملون على كافةالنواحي السياسية والاثرية والتخطيطية والقانونيةلتنفيذ النموذج الذي يتخيلونه:

1- الهيكل مكان المسجد الاقصى.
2- قدس الاقداس مكان قبة الصخرة.
3- نجد المعابد اليهودية ونرى حول المدينة القديمة او مايسمونه الحوض المقدس حاليا خاليا من المباني.

أسطورة البلدة القديمة

مشروع تهويد البلدة القديمة بما فيها المقدسات اسلاميةومسيحية هو مشروع كلي وليس جزئي ومن أجل تغيرالوقائع على الأرض تقوم مؤسسات دولة الاحتلال بحدذاتها بالعمل على ذلك، فيعملون تحت الارض دون أنيراهم أحد.

فدولة الاحتلال لا تسعى الى  هدم المسجد الأقصى أنماتسعى الى تغير مهامه من مكان صلاة للمسلمين الىهيكل سليمان المزعوم وعلى هذا الأساس تقوم اسرائيلعلى تهويد:

أولا: قبة الصخرة على اعتبار انها قدس الأقداس و تابوتالعهد الذي ذكر بالوصايا العشر لموسى عليه السلام.

ثانيا: المسجد المرواني هو الذي تصوره اسرائيل على أنهالقصر الملكي.

ثالثا: المسجد الأقصى وهو الهيكل المزعوم، وبهكذا تكونقد سيطرت على ما يقارب الـ 144 دونم مكان المسجدالأقصى.

لذلك تتبع حكومة الاحتلال تفريغ البلدة القديمة منسكانها والذي يصل عددهم الـ43 ألف مقدسي وابقاء فقطبعض المحلات التجارية لتصبح مكان سياحي و يأتونالعرب اليها كما يزورون عكا وحيفا.

ومن أجل ذلك يتوجب علينا حماية المسجد الأقصى والمقدسات اسلامية ومسيحية وذلك:

أولا: دوليا

ابراز الاعتداءات التي تقوم بها دولة الاحتلال بمؤسساتهاالأمنية بحماية قطعان المستوطنين بمواصلة اقتحاماتهملباحات المسجد الأقصى المبارك بطريقة مكثّفة وممنهجةوبصورة شبه يومية وبمشاركة عناصر أعضاء منالكنيست ومجندين ومجندات وقوات الشرطة ورجالالمخابرات والمستوطنين من جهة بابي المغاربة والسلسلة.

استمرار أعمال البناء في مشروع مجمعبيت شتراوسالتهويدي لإزالة الكثير من الآثار الإسلامية والعربيةبالمنطقة في ساحة البراق غرب المسجد الأقصى، وتنفيذمشروعمخطط زاموشلتهويد محيط المسجد الأقصىوالبلدة القديمة.

و قيام الاحتلال بحفريات جديدة متزامنة في وقت واحدفي منطقة الطرف الجنوبي لطريق باب المغاربة والطرفالشرقي للقصور الأموية جنوب المسجد الأقصى وفيالطرف الجنوبي لمدخل حي وادي حلوة ببلدة سلوان.

وأهمية الإعلان أن تنفيذ هذه المخططات جاء بهدف جذبعشرات آلاف الصهاينة والسياح الأجانب إلى هذه المواقعولتوسيع السيطرة على القدس والمسجد الأقصى، وطمسالمعالم والآثار الإسلامية التاريخية.

إن الاهتمام بالقدس أمر عادي لهؤلاء الذين جذبهم الشوقعلى مر الأزمنة، فكلما عمق البعد الروحاني للقدس كلماتقلصت أهمية الأشياء و الأمكنة، لتصبح مؤشرا للحقيقةالكبرى فقط، أما عندما تذوي تلك الروحانية فإن الحقيقةالكبرى نفسها تذوي في نفوس البشر.

ما كان في الماضي يعتبر خطوط حمراء ما كان للكيان منمقدره على تجاوزها اصبحت مباحه اليوم ولا تلقى ردامناسبا فامعنت في اجراءاتها، فالمسجد الاقصى ومحيطهبات مهددا بالتقسيم المكاني والزماني وما الزياراتالمتكرره الا جزءا من مخطط يستهدف التقسيم كأمر واقعتفرضه معادلات وموازين قوى فرضت نفسها بالقوه علىواقع فلسطيني مشتت ينتظر ردا دوليا لا يقوى على فرضحلوله ومعاييره الانسانيه على سلطه تعتبر نفسها فوقالمعايير والقوانين الدوليه.

وأن ما زاد من عنهجية الاحتلال وتمرده ما هو الا استمدادلما قالته رئيسة وزراء اسرائيل جولدا مائير عندما ارتكبالصهاينة جريمة حرق المسجد الأقصى في 21 آب 1969 قالت: “لم أنم ليلتها، وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلونإسرائيل أفواجا أفواجاً من كل حدب وصوبلكني عندماطلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعلما نشاء، فهذه أمة نائمة…”

ثانياً: فلسطينيا وشعبيا

إستنهاض القوى ورص الصفوف بين الأطرافالفلسطينية المتنازعة لترك خلافاتها جانباً ولفت أنظارهاوقواها على ما يجري في القدس من مساعي إحتلاليةتهدف أولاً وأخيراً لتغيير المشهد المكاني والتاريخي لها، ولتكون القدس هي عنوان المصالحة الوطنية الأكثر إلحاحاًمن غيره في ظل حالة الإستهداف الواضحة التي باتتتشكل تهديداً حقيقياً على الوجود الفلسطيني العربيفي القدس المحتلة.

ان نمو هذا العهد الذي يسيطر على الارض وما عليهابالترغيب حينا والترهيب احيانا والتزوير الحضاريدوما، فان لم يقف كل من يحب الجمال والتراث والانسانيةوالحقيقية صفا واحدا للدافع عن التراث الثقافيوالحضاري للهوية الانسانية،  لشهدنا عصر على القدسيقول عنه الباحثون انه العصر الذي ستسقط فيه القدسعن لائحة التراث العالمي لانها فقدت عناصرها التيتكسبها اهميتها.

التأكيد على أن ما تقوم به الأجهزه العسكرية الإحتلاليةبإعداد أفلام تثقيفية تتناول صوراً لما يسمى (هيكلسليمان ) على أرض المسجد الأقصى بدون قبة الصخرةالأمر الذي يشير الى زرع ثقافة نفي الآخر من خلال تزويرالحقائق والتاريخ متناسين بأن ما يسمى بالحضارةاليهودية ما هي إلا إدعاء يتنافى ومعايير تصنيفالمجتمعات وتشكلها، والتأكيد على أن التوقعات تستندإلى معلومات وإلى معطيات لم يفصح عنها الأمر الذييؤكد وجود غطاء أمني رسمي لتلك الممارسات ضدالفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق