مقالات

في بادئ الأمر ظننتُ أنّني بطلُ الجغرافيا كلّها،

محمد بكرية

كانَ الشفقُ كما دائمًا أحمر من خجلٍ أو خوف أصابَ الغيم في الأعالي
، الشمسُ تتراجعُ في خاصرةِ السماء لتغيبَ كجنديّ مرعوب، مهزوم،
أمّا البحرُ فبدا جبانًا بدأ يلفّ بالسوادِ جسده الضخم، ربما كي لا يُفزَعَ منّي،
هكذا أصبحتُ بطلًا.
كيفَ لا ! شمسٌ تفرّ، بحرٌ يختبِئ، صيّادو الأسماك يلملمون شباكهم على عجل، قشتالة تهربُ كالسراب خوفًا من ذكرياتي عنها، تفحّصْتُ جوانبَ المكان لمْ أرَ أحدًا سواي، فجأة سمعتُ طقطقة أكعاب الساهراتِ على بلاط الميدان القديم ثمّ أعقبَتْها قهقهاتُ عشّاقٍ لم يملّوا بعدُ من مسامرة فتياتِهم .
قلتُ: لستُ بطلَ الجغرافيا أبدًا، لم يختبِئ البحرُ ولا الشمسُ، لم تفرّ قشتالة ولا غرناطة من ذكرياتي، هو اللّيلُ أيّها الشقيّ، هو اللّيل يغيّرُ عاداتِ الطبيعة كلّها، أما أنت فقد اختلطَ عليكَ الأمرُ وكدْتَ تعاندُ الوقتَ والفصول.
إلاهي !! حين يجمَحُ الخيالُ من فرحٍ أو ترَح، إلاهي!!
بكرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق