ثقافه وفكر حر
ما هي حكاية اول من حارب الوثنية في غزة؟
استعرض رئيس قسم التاريخ في جامعة الأزهر بغزة والمتخصص في التاريخ القديم الدكتور عصام مخيمر، حكاية القديس بريفيريوس، الذي لُقب بمحارب الوثنية في غزة، وخُلِّد اسمه باطلاقه على إحدى أهم وأقدم كنائس المدينة.
وأوضح د. مخيمر في حديث مع إذاعة رام الله، صباح اليوم السبت، أن القديس بريفيريوس ولد في مدينة سالونيك في اليونان سنة ٣٤٧ ميلادي، وعند بلوغه سن ٣٠ عاماً ذهب لمصر وعاش فيها ٥ سنوات ناسكاً.
وأضاف “ثم ذهب القديس بريفيريوس للقدس وزار الأماكن المقدسة فيها، وسكن في البريّة المجاورة لنهر الأردن حتى عام ٣٨٢م، حيث مرض فجأةً فجِيء به لمدينة القدس، وأقيمت صلاة خاصة من أجله، ليُشفى بعدها”.
ونوه د. مخيمر إلى أن القديس بريفيريوس عُين في مرحلة لاحقة كاهناً للمسيحية في غزة، وبعد وصوله للمدينة كان أغلب سكانها وثنيين، حيث شكلت المسيحية جزءاً بسيطاً من عدد السكان.
ولفت إلى أن القديس بريفيريوس حاول هدم المعابد الوثنية الموجودة في غزة، لكنه فشل، وبناءً على وضع المسيحية الصعب بالمدينة وعددهم القليل، لجأ إلى القسطنطينية “إسطنبول” حالياً وطلب مساعدة الملكة افظوكسييا – وهي ملكة مسيحية – لبناء كنيسة في غزة.
وبيّن د. مخيمر أن بناء الكنيسة استغرق ٥ سنوات من ٤٠٢ حتى ٤٠٧ ميلادي، حيث دشنت في البداية باسم افظوكسيياني، نسبةً للإمبراطورة افظوكسييا، لكن بعد موت القديس بريفيريوس، سُميت الكنيسة باسمه.
وتقع كنيسة بريفيريوس – وفقاً ل د. مخيمر – على مساحة ما يقارب ٢١٦ متراً، في أحد أقدم الأحياء الشعبية بغزة، وهو حي الزيتون.
وأشار د. مخيمر إلى أن الكنيسة بُنيت على شكل صليب، ولكن الفرس ألحقوا العديد من الأضرار فيها أثناء خوضهم معارك مع الرومان على أرض غزة.
وطبقاً للدكتور مخيمر فإن حروب الفرس والرومان أسفرت عن مقتل الآلاف من مسيحيي غزة، مبيّناً أنه بعد عام ٦١٩م أصبح المسيحيون الفلسطينيون يحيون ذكرى من قتلوا جراء تلك المعارك الطاحنة.
وشدد أستاذ التاريخ القديم بجامعة الأزهر في غزة، على أن كنيسة القديس بريفيريوس لها مكانة خاصة عن مسيحيي المشرق عموماً، ومسيحيي غزة على وجه الخصوص، لكون من بناها هو محارب الوثنية الأول في مدينتهم.
ونوه إلى أتباع هذه الكنيسة كانوا ينتشرون بين غزة وبلاد الشام، إضافةً لكون الكنيسة شهدت العديد من الأحداث على مدار العصور المختلفة منذ بنائها وصولاً إلى يومنا هذا.
ومن الجدير بالذكر أن المسيحيين في غزة يعتبرون مكوناً تاريخياً أصيلاً من مكونات الثقافة العربية الفلسطينية، ويُسجل لهم العديد من المواقف الوطنية الداعمة المقاومة الفلسطينية، والرافضة لسياسات ومخططات الاحتلال الإسرائيلي.