مقالات
بتعثر مباحثات المصالحة يتعمق الانقسام في الحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية / محمد جبر الريفي
لم تعد القضية الوطنية الفلسطينية لها مركزيتها واولويتها على القضايا السياسية الاخري لدى اهتمام الأنظمة العربية على مختلف توجهاتها السياسية المتنوعة كما كان الحال في السابق يوم أن كانت القضية الأولى على أجندة أعمال مؤتمرات القمة العربية والشغل الشاغل للنظام العربي الرسمي في مخاطبة الرأي العام الدولي ونسج علاقاته السياسية الدولية على أساس الموقف منها وكان ذلك كله قبل اتفاقية اوسلو التي بموجبها تم اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بالكيان الصهيوني. . بالتوصل الى تفاقية اوسلو تهمش دور منظمة التحرير الفلسطينية في النظام السياسي الفلسطيني لتصبح السلطة الوطنية هي المؤسسة السياسية الفلسطينية الأولى الفاعلة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية حيث يتم مخاطبتها وحدها في أمور التسوية التي تجرى بشأنها مفاوضات فلسطينية أسرائيلية بين الفترة والآخرى وعادة ما تتجدد هذه المفاوضات برعاية امريكية وذلك قبل أن تصل إلى التجميد الحالي اما القضية الفلسطينية فقد اختلط فيها العامل السياسي بالإنساني وكلما تأخرت التسوية السياسية على أساس مشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي كلما غلب الطابع الإنساني على الطابع السياسي وابتعدت القضية عن كونها قضية تحرر وطني وهو الهدف الذي يسعى إليه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. .. جاء الانقسام السياسي البغيض قبل أكثر من 13 عاما ليقوض نظام السلطة الوطنية في قطاع غزة مما أحدث هذا الانقسام شرخا في طبيعة العلاقة بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة باعتبارهما ولاية جغرافية واحدة وقد طال تأثير هذا الشرخ كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في القطاع المحاصر وعلى المستوى القومي ساهم في تسارع التطبيع العربي مع الكيان الذي يشهد خطوات غير مسبوقة بحيث الكثير من العواصم العربية أصبحت مهيأة لاستقبال نتنياهو وبدون حياء وخوف من الجماهير العربية التي تراجع هي الأخرى حماسها لتحرير فلسطين وهي ترى أصحاب القضية أنفسهم يتصارعون على مسألة الحكم في اطار سلطة تحت الاحتلال .. بتعثر تحقيق المصالحة الوطنية وفشل كل الاتفاقيات السابقة من اتفاق مكة إلى كل الاتفاقيات التي جرت في الدوحة والقاهرة وآخرها اتفاق الشاطيء ثم آنفضاض المباحثات التي جرت مؤخرا في القاهرة دون نتيجة مرضية تذكر يكون الانقسام السياسي قد تعمق أكثر في الحياة السياسية والاجتماعية الفلسطينية وفقدت مباحثات المصالحة الوطنية مصداقيتها عند الجماهير مما أدى إلى العزوف عن الاهتمام بها ومتابعة وقائعها ومع تعمق وتكريس الانقسام السياسي ينتعش مخطط الانفصال السياسي بين الضفة والقطاع وذلك في إطار مشروع امبريالي صهيوني أشمل يستهدف تجزئة سياسية جديدة لدول المنطقة العربية وهكذا في حال بقاء الانقسام السياسي لمدة أخرى اطول وتعثر الجهود التي تبذل لتحقيق المصالحة الوطنية تكون الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة قد خسرت معركتها الحالية مع المشروع الصهيوني في اقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقيه على حدود 67 ؛؛لكن مع ذلك سيبقى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قائما وكذلك الصراع العربي الصهيوني لأن الذي يملك انهائه ليست القوى السياسية الفلسطينية والعربية الحاكمة التي تبحث عن مصالحها الطبقية الاجتماعية بل حركات التحرر العربية وشعوب المنطقة حين يتحقق هدفها السياسي في تحقيق التسوية العادلة للصراع. .