اقلام حرة

احذروا قادم الأيام بقلم الباحث والكاتب د.رائد حسنين

احذروا قادم الأيام
أقدمت دولة الاحتلال على خرق التفاهمات لتثبيت التهدئة يوم 11/11/2018م عبر تسلل قوة خاصة إلى مناطق شرقي مدينة خانيونس، والتي تم اكتشافها والتعامل معها في حينه، مما أدى إلى استشهاد سبعة مقاومين ومقتل ضابط صهيوني وجرح آخر، وأعلنت حركة حماس بأن الهدف من العملية الصهيونية هو خلط الأوراق وتسجيل إنجاز نوعي للحكومة الصهيونية، وعلى أثر ذلك عقدت غرفة العمليات المشتركة اجتماعاً ناقشت فيه تداعيات العملية وآلية الرد.

وبالفعل تم الرد عليها بعملية نوعية باستخدام صاروخ الكورنيت وأرسلت المقاومة رسالة شديدة اللهجة إلى الاحتلال من خلال تصوير العملية أنه كان بإمكانها أن تبيد كل الجنود الصهاينة الذين ظهروا في التصوير، إضافة إلى إطلاق رشقات صاروخية على المستوطنات المجاورة لقطاع غزة. إلا أن الاحتلال لم يفهم الرسالة وقام بالهجوم على مجموعة من الأهداف التي كانت تلك نفسها الأهداف التي أنهت فيها عدوانها على قطاع غزة عام 2014م من حيث استهداف المؤسسات والمباني والأبراج السكنية ومنازل المواطنين.
في هذه الجولة من المواجهات سقط العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين وأوقعت المقاومة عدد من القتلى والجرحى في صفوف الصهاينة وبحسب الإعلام الصهيوني بلغوا قتيل وحوالي تسعين إصابة ما بين إصابات مباشرة وهلع، هذا الواقع جعلنا نتساءل لماذا قبلت إسرائيل

 

بالتهدئة؟ 
يبدو بأن حجم التدخلات والوساطات الإقليمية والدولية لوقف التصعيد على قطاع غزة أتى أكله بموافقة الاحتلال على تغيير عادتها للاستجابة بهذه السرعة، وهذا باعتقادي يعود إلى أمرين:
الأول: كون دولة الاحتلال هي التي بادرت في خرق التفاهمات في تثبيت الهدنة القائمة، مما ترتب على ذلك إحراجها أمام الوسطاء والمجتمع الدولي الذي أدان هذا السلوك ما عدا الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتبرته دفاعاَ عن النفس، بالرغم من هذه المساندة الأمريكية إلا أن دولة الاحتلال اعتبرت إقدامها على هذا الخرق بمثابة نزع الذرائع والمبررات التي كانت دوماً تسوقها في تقديم ذاتها كضحية.
إن إقدامها على هذه الخطوة سحب منها ذريعة لعب دور الضحية كعادتها، مما يؤثر على صورتها ويؤكد على إجرامها.
الثاني: دخول المنخفض الجوي، والذي بدوره سيؤثر ويربك عمل قواتها الجوية الذي يعتبر ذراع دولة الاحتلال في تنفيذ مهامها، ويترتب عليه تحييد عنصر الامتياز لها في ضرب بنك الأهداف الذي تم تحديده، بالإضافة إلى بقاء قواتها العسكرية المنتشرة في حال تطور العدوان بدون غطاء جوي، وقد شاهدنا أهمية الغطاء الجوي في التعامل مع الحدث عندما تم اكتشاف القوات الخاصة الصهيونية، وبذلك ستكون هناك ميزات للمقاومة في التحرك والتخفي والاقتراب من الخصم وتحقيق المزيد من الانتصارات العسكرية على العدو الصهيوني، وهزيمة الشارع الصهيوني من الناحية النفسية في الأيام الأولى لهذا العدوان، لذلك سحبت هذه الميزة من المقاومة الفلسطينية.
هذان الأمران باعتقادي دفعا دولة الاحتلال للموافقة على التهدئة، والبحث عن ظروف وبيئة مناسبة أكثر لاستئناف المعركة في الوقت القريب

 

جداً، وهناك مجموعة من العوامل التي تدفع دولة الاحتلال لاستئناف عدوانها، منها: 
1- سيكولوجية رئيس حكومة الاحتلال (نتنياهو) الذي لا يقبل أن يسجل عليه الفشل والرضوخ خاصة في ظل الاتهامات بقضايا الفساد ملف 1000)،2000،3000)، والذي يقدم نفسه للشارع الصهيوني، بأنه صاحب أطول فترة حكم (الملك)، وأنه الأجدر على حماية دولة الاحتلال وصاحب الإنجازات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
2- المظاهرات والاحتجاجات من قبل مستوطني غلاف غزة وجنوب فلسطين المحتلة، واتهام الحكومة بالتخلي عن أمنهم والتعامل معهم على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية، وأنها تحركت باتجاه وقف إطلاق النار لمجرد تهديد المقاومة بتوسيع نطاق الاستهداف بضرب أسدود وتل أبيب.

إضافة إلى ذلك، ادعاء مستوطنو غلاف غزة بأن المقاومة الفلسطينية هي من تدير الحياة اليومية لهم، من خلال تحديدها توقيت البداية والنهاية لأي معركة مع دولة الاحتلال.
3- تبادل الاتهامات بالاستسلام والضعف أمام المقاومة الفلسطينية بين أعضاء الائتلاف الحكومي الصهيوني، مما سيؤثر على سير الائتلاف والحكومة في ظل التوقعات لإجراء انتخابات الكنيست ومفهوم الردع الإسرائيلي.
4- تعودنا دوماً بأن في كل محطة للانتخابات البرلمانية لدولة الاحتلال أن رصيد هذه الأحزاب يزيد في صناديق الاقتراع على حساب الدم العربي والفلسطيني، وهذا بحد ذاته مؤشر قوى لاستئناف العدوان على قطاع غزة أو فتح جبهة جديدة خاصة في لبنان وسوريا.
إن اجتماع الكابنيت الصهيوني الذي استمر لعدة ساعات ومشاركة رئيس جهاز الموساد فيه يعطي دلالات هامة باحتمالية البحث عن هدف مناسب في خارج فلسطين المحتلة لإسكات الأصوات في داخل الشارع الصهيوني والائتلاف الحكومي.
في ضوء ذلك يتطلب منا الحيطة والحذر في قادم الأيام من المباغتة باستهداف قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل المحتل والخارج، أو من تمرير صفقة سياسية تحقق لحكومة الاحتلال ما كانت تصبوا إليه، لذلك يتوجب أن ندفع باتجاه الشروع في تحقيق الوحدة والمصالحة الفلسطينية، وقد أثبت الشعب الفلسطيني في هذه المعركة أن الوحدة والمقاومة هما الضوء الذي بدد الظلام الدامس من خلالهما بإمكان الشعب الفلسطيني مواجهة المخططات والمؤامرات كافة، وأن نموذج غرفة العمليات المشتركة منجز وطني يحتذى به على المستوى السياسي، ويجب على الشعب الفلسطيني مراكمة الإنجازات لتحقيق أهدافه الوطنية. 
د. رائد حسنين

 
أعجبني

تعليق

التعليقات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق