مقالات

على طريق التخلف الحضاري في ظل الفوضى السياسية والأمنية / محمد جبر الريفي

(على طريق التخلف الحضاري في ظل الفوضى السياسية والأمنية

التي تعيشها المنطقة العربية انتعشت قضايا المجتمع التقسيمية على حساب القضية الوطنية الجامعة التي تكفل صيانة الوحدة الوطنية مما جعل كل طائفة أو أقلية عرقية تبحث عن تحقيق مكاسب سياسية في اطار الدولة الوطنية الحديثة الواحدة وبتحقيق ذلك ينهار الطابع العلماني للنظام السياسي الذي يقوم أساسا على الانتخاب في ظل المساواة بين الأفراد بدون تمييز اثني ليحل محله الطابع الطائفي أو العرقي الذي به يتم توزيع المناصب العليا على هذا الأساس .. على طريق النظام الطائفي اللبناني الذي جعل رئيس الدولة حكرا تشغله الطائفة المارونية المسيحية منذ استقلال البلاد عن فرنسا الاستعمارية عام 46 من القرن الماضي يسير العراق الآن على هذا النظام التقسيمي التفكيكي منذ القضاء على نظام صدام حسين البعثي القومي فيجعل رئيس الدولة حكرا على الاقلية الكردية حيث تم انتخاب وللمرة الثانية أو الثالثةكردي آخر لرئيس العراق الدولة العربية الرئيسية في النظام السياسي العربي الرسمي وقد يأتي اليوم الذي نشاهد به أحد دول المغرب العربي تجعل أحد المناصب العليا في الدولة حكرا على الاقلية الأمازيغية ( البربر ) وربما ايضا تنتهي الأزمة السورية بتوزيع المناصب العليا على أساس طائفي وعرقي بين السنة والعلويين والاكراد كما حصل في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية بالمحافظة على تركيبة النظام الطائفي لأن كل من النزعة الطائفية والعرقية تلعب دورا كبيرا في إذكاء الصراع الداخلي التي تشهده سوريا منذ أكثر من خمس سنوات وفي حالة حصول ذلك فإنه سيشكل صدمة كبرى لقوى التحرر في المنطقة باعتباره إنجازا سياسيا هاما على طريق تبديد الهوية القومية وفتح الأبواب على مصراعيها لتعميم مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تختفي فيه الرابطة القومية العربية لتحل مكانها الرابطة الطائفية والعرقية والدينية وليصبح عند ذلك الكيان الصهيوني هو أحد دول المنطقة الذي يقوم على أساس يهودية الدولة وفيه ستمارس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة تمييز قومي منهجية عملا بقانون القومية العنصري الذي ينتقص من الحقوق المدنية والسياسية للأقلية العربية في الكيان الصهيوني .. بتعميم ظاهرة توزيع مناصب الدولة الوطنية على أساس التنوع المجتمعي تتعمق أكثر في واقعنا السياسي العربي مظاهر التخلف الحضاري في وقت تختفي في عالم اليوم المسافات بسبب ثورة العلم والمعلومات والاتصالات وتتلاشي ايضا الحدود الوطنية والقومية بين الدول والشعوب في عصر العولمة السياسية والثقافية الحالية ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق