نشاطات

بعض الجامعات الخاصة والحكومية في قطاع غزة، جامعات علمية أم شركات ربحية خاصة ؟؟الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

بعض الجامعات الخاصة والحكومية في قطاع غزة، جامعات علمية أم شركات ربحية خاصة؟؟
“رسالة إلي الأخ وزير التربية والتعليم العالي في فلسطين”
إن تقدم الأممُ والشعوب يقُاس اليوم بمدي تقدُم بمدي تقدمها في مناهجها التعليمة، وفي جودة الإدارة في جامعاتها، وبتطورها المستدام التقني “التكنولوجي”، وبتطوير القطاع التعليمي وكذلك الصحي، وبمواكبة التطور المعرفي والعلمي؛ وبمواصلة حداثة وتطوير مناهجها التعليمية سنوياً؛؛ ومما لا ريب فيهِ بأن الجامعات الفلسطينية تقوم بدور مهم وكبير، وقد حققت إنجازات علمية كبيرة ، تستحق عليها كل الشكر والتقدير، ولكنه من غير المقبول أن نغمض الأعين عن معاناة المئات وربما الألوف من طلابنا وطالباتنا، عندما يشتكون من معاناتهم المتنوعة بسبب الرسوم الجامعية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي السيئ في قطاع غزة، وباعتبار أن القائمين على العملية التعليمية الجامعية يدركون ذلك جيداً ولا يحركون ساكناً؛؛ مع العلم أن الشعب الفلسطيني يُعد أكثر شعوب العالم تّعلُماً، وعلماً، وسعياً للمعرفة، برغم كل المعيقات التي تعترض سبيلهُ، مثل الاحتلال الغاشم، أو الانقسام البغيض، والحصار، والفقر المُدقع واستمرار انقطاع التيار الكهربائي الخ..؛ وبرغم كل تلك الأسباب، إلا أنه هناك خطر كبير، وبركان، هادر، هادم، قادم يدقُ لنا جميعاً ناقوس الخطر؛ و يدمي القلب، ويندي له الجبين في قطاع غزة؛ إنهُ التعليم الجامعي عموماً، وبخاصة بعض الجامعات الخاصة والحكومية في قطاع غزة، فبعض تلك الجامعات تأملت فيها فرأيت مستواها أقل من شأن أي مدرسة حكومية ضعيفة المستوي، والإدارة؛ تعيش من أجل جمع المال، لا لنشر العلم والمعرفة، وأقل ما يوصف حال بعض تلك الجامعات، أنها في حالة ركود و تراجع، وانحدار وهبوط، وليس صعود؛ حيث انني عملت محاضراً جامعياً غير متفرغ بنظام الساعة في معظم جامعات غزة تقريباً، فرأيت العجب العُجاب، بل تري في بعض الجامعات الخاصة والحكومية عجائب الدنيا كلها!!؛ إن كان من ذلك من خلال من يتحكم برأس المال من المستثمرين بالجامعة ونصبوا أنفهم قادة للجامعة بحكم المال؛ فوضع نفسهُ رئيساً للجامعة أو رئيس مجلس إدارتها، أو رئيس مجلس الأمناء، أو عميد الشؤن المالية والإدارية، أو نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية؛ فلقد رأيت منهم من حول الجامعة إلا سوبر ماركت خاص، أو شركة ربحية له ولأحبابهِ!!؛ ومن أولئك من بعض رؤساء الجامعات الخاصة والحكومية بغزة من وظف غالبية أقاربه وأحبابه بعقود، ومنهم من وضعه مستشاراً لهُ براتب كبير الخ..؛ ووظف بعضهم الكثير من أبناء وكوادر من يحكمون ويتحكمون في قطاع غزة!؛ عبر نظام العقود لهم، ووفر لهم وظائف خاصة في الجامعة الحكومية التوافقية بالأساس، وحول الجامعة ليكون جُّل موظفيها من فصيلٍ، وحزبٍ بذاتهِ إرضاء لهم، ولتوزيع الكعكة بيهم؛ أولئك هم بعضاً ممن يحملون شهادات علمية عليا، ولكنهم في شهادة الأدب والامانة والأخلاق قد رسبوا فيها مع مرتبة الهبوط الدُنيا!؛ ولو تفحص، ودقق، وحقق الأخ وزير التربية والتعليم في أحوال وملفات وإدارة بعض الجامعات الخاصة، وفتشّ في أحوالها جيداً والموظفين فيها تجدها أقرب لشركة ربحية أو وكالة خاصة، أو تركة للوالد وآل بيته وأقاربه وأحبته!؛ وتجد من يتحكم بالجامعة صاحب المال والقرار؛ وقد قام بتوظيف أولادهِ، وبناتهِ، وزوجتهُ، وعمتهُ، وخالته، وأختهُ، وأخيه، وأولاد أخته، وأخيه، وإن كانوا ليسوا ذوي خبرة، أو كفاءة للمنصب الذي عينهم فيه!؛ وكذلك تجد بعض إدارة الجامعات والمتحكمين فيها ، يُعيِّنون محاضرين يحملون شهادة الماجستير، وبعض تلك الشهادات قد تكون من جامعة غير معترف فيها من قبل وزارة التربية والتعليم العالي، ووضعهم العلمي ركيك، وضعيف، ويعطونهم ساعات تدريسية ويتم تجاهل أصحاب الخبرة والعلم من حملة شهادة الدكتوراه؛ وذلك لأنه لا يحمل معهُ فيتامين “واو ” (الواسطة)؛ والأدهى والأمر من ذلك يكون بعضاً ممن يرأس بعض الجامعات أو يرأس مجلس إدارتها أو يرأس الشؤون الأكاديمية الخ..، “تأخذهُ العزة بالإثم”، ويصبح كقارون، وفرعون، وهامان، ومن المطففين، الذين ينقصون الأجير أجرهُ، وحقهُ من المحاضرين، فيسلبونهم حقوقهم، بدون أي وازع أخلاقي أو ديني، أو قانوني، فيقومون مثلاً بتنزيل قيمة الساعات التدريسية للمحاضر الحاصل علي مؤهل شهادة الدكتوراه من “خمسة عشر دينار:، إلي “تسعة دنانير”؛ مستغلاً حاجة المحاضر والوضع الاقتصادي المتردي والمنهار في قطاع غزة وكثرة المحاضرين والأكاديميين بغير عمل؛ بما يعني أن المحاضر والدكتور الجامعي الذي يدرس فصل “أربعة شهور كاملةً”، ويأخذ (3) ساعات تدريسية لا يزيد راتبة في الأربع شهور عن 300 دينار أردني أي بالشهر الواحد أقل من مائة دينار، و يا ليتهم يعطونه حقه قبل أن يجف عرقه؛ بل بعد مرور عام بمعني أوضح أن من يبع ترُمس، أو يعمل سائق تاكسي علي الخط، أو بواب في عمارة يتقاضى راتب أكثر ممن يحمل شهادة الدكتوراه!!!؛ علماً أن الدكتور الجامعي المتفرغ بشهادة الدكتوراه راتبه الشهري لا يقل عن ألفي دولار شهرياً – هل تأملتم الفرق بين الاستاذ الجامعي غير المتفرغ والمبلغ الذي يتقاضاه في عام كامل؛ يعد أقل من راتب الاستاذ الجامعي المتفرغ والذي يقبضه في الشهر الواحد!!؛ فتلك هي بعض أفعال المُطففين الجبابرة الظالمين من بعض من يُدير ويتحكم في الجامعات الخاصة؛ فهذا نداء صادق لأخي معالي زير التربية والتعليم العالي في فلسطين، أني قوم بالمحاسبة والمراجعة والمراقبة، فأنت مسؤول، وسوف تسأل عن تلك الأمانة أمام الله عز وجل يوم القيامة؛ و أين أنتم من نصرة المظلوم من تلك المظالم،؟؟؛ وكذلك إن بعض الجامعات بغزة والتي لا يوجد لديها اعتراف بكل التخصصات لمنح شهادة البكالوريوس ، ومن أجل جلب المال، كمبلغ خمسمائة دولا أو ألف دولار، تقوم بمنح شهادة الماجستير والدكتوراه باسم: ” الدكتوراه المهنية في التنمية البشرية”، وللأسف بعض من يتقدم لتلك الدورات التي تسمي (دكتوراه)، أو (ماجستير)، لا يحمل حتي شهادة الثانوية العامة!؛ ولكنه يكون صاحب منصب وجاه، أو مال، ويريد أن يطلق عليه لقب دكتور؛ فيدفع المال لتلك الجامعة للحصول علي الشهادة ويتم عمل حفل رسمي لهم ويحضره للأسف رئيس الجامعة ومجلس إدارتها، ويلبس روب التخرج، وكأنه تعيش وقائع وأحداث خيالية لفيلم هندي!!؛ فأين أنت أخي وزير التربية والتعليم العالي المحترم؛ مما يحدث؟؟، فإن لم يكون تشديد ورقابة علي الجامعات الحكومية، والخاصة خصوصاً ضاع العلم ، وضاعت التربية، والتعليم، وللتذكير كثيراً ما نسمع الناس في غزة يقولون: ” مات فلان مات بسبب خطأ طبي”؛ أتدرون ما السبب ؟؟ السبب الرئيس بعد الإيمان بقضاء الله وقدرهِ، وإرادة الله عز وجل، يكون السبب الأساسي هو طالب راسب قد تم ترفيعه في بعض الجامعات لأنه ابن مسؤول أو صاحب وصديق من يعمل في تلك الجامعة. إننا نري اتساع في نسبة الضعف، والترهل الجامعي، في بعض الجامعات الفلسطينية الحكومية عموماً والخاصة خصوصاً في قطاع غزة، والذي يُعاني من تحديات كبيرة بسبب وقوع القطاع والجامعات ما بين مطرقة الاحتلال والحصار، والانقسام من جانب وسندان غياب المرجعية وسوء الإدارة من جانب آخر؛ وبالمقابل نشعر بفخر وسعادة حينما نسمع بخبر حصول جامعة فلسطينية ضمن التصنيفات العالمية أو الدولية لأفضل الجامعات، كما جرى مثلا مع جامعة بير زيت التي جاءت في قائمة أفضل 100 جامعة في المنطقة العربية لعام 2016 حسب تصنيف .”QS؛؛ وسر هذا النجاح هو العمل المهني والإداري، والأكاديمي الصحيح، وعندما تحافظ الجامعات الفلسطينية على حضورها واستمراريتها وتقوم بمهمتها بكل إنصاف وأمانة بعيداً عن الفئوية والمصالح الخاصة، والربحية؛ من قِّبل أصحاب رأس المال في الجامعات الخاصة.
ونحن نعلم خصوصية الجامعات في فلسطين، التي ترزح تحت نار الاحتلال البغيض، والحصار، ونعرف الصعوبات التي تواجهها الجامعات وكل عملية التعليم ، في ظل احتلال غير معني بمساعدة الشعب الفلسطيني على التعلم، والتقدم العلمي والحضاري، ولكن كل ذلك لا يعفي، ولا يُبرأ ساحة إدارة ورؤساء الجامعات، والقائمين عليها من المسؤولية، والخلل الذي تعاني منه بعض الجامعات، حيث لا يمكن تعليق كل شيء على شماعة الاحتلال، فهناك أمور لا ترجع للاحتلال، أو لقلة الإمكانيات المادية؛ بل لخلل في الإدارة والإشراف، على مستوى إدارة بعض الجامعات؛ ويعتبر التعليم والصحة المجتمعية قضية أمن قومي من الدرجة الأولى ، لخلق جيل قادر على مواجهة التفوق العلمي والتكنولوجي لكيان دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل التعامل مع تقنيات العصر الحديثة؛ وللمستقبل لأنه يعمل على بناء رأس المال البشري وصياغة وعي وقيم ومدركات الأجيال القادمة؛ في نهاية مقالنا نقول إن واقع التعليم العالي في القطاع يحتاج لوقفة جادة ؛ ومشكلة الجامعات في قطاع غزة جزء من المشكل العام للقطاع من حيث عدم وضوح المسؤولية، ولِمَن تخضع؟، هذه الحالة من الالتباس وعدم وضوح المسؤولية أفسحت المجال لوجود جامعات خاصة وأخري حزبية عقائدية خالصة، وهو ما يُضعف من قيمتها العلمية ، كما أفسحت المجال لبعض رؤساء مجالس الأمناء ورؤساء الجامعات ليتفرعنوا ملوكاً على تلك الجامعات ويتصرفوا باستبداد ودكتاتورية ضاربين بعرض الحائط قوانين الجامعة والقانون الأساسي الفلسطيني ، وسالبين لحقوق الموظفين والعاملين بالجامعة، وقامعين لحرية الرأي والتعبير؛ وتصنيف العاملين في الجامعة وخصوصا الأكاديميين ليس من خلال كفاءتهم بل من خلال، الانتماء أو الولاء لرئيس مجلس الأمناء أو رئيس الجامعة، أو رئيس مجلس الإدارة؛ أو لنائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والتصرف بالجامعة وكأنها ملكية أو إقطاعية خاصة بهم ، مستندين لعلاقتهم مع بعض مراكز القوى؛ وفي نهاية الأمر نتمنى أن تصل الرسالة والمقالة إلي أصحاب القرار، ووزير التربية والتعليم العالي، لانقاد التعليم العالي الجامعي في قطاع غزة .
الكاتب الصحفي الباحث والمفكر العربي والمحلل السياسي
الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب، ومفوض سياسي
عضو نقابة الصحفيين والاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية
أستاذ، ومحاضر جامعي غير متفرغ – غزة
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق