فلسطين تراث وحضاره
انها مصمص بلدي ..! شاكر فريد حسن
يقول الشاعر الطيباوي د. سامي ادريس في معرض حديثه عن الشاعر احمد حسين وقصيدته ” الزناطم ” :” لو تعرفون كم كنت قريباً منكم ، جميعاً ، كنت اعلم في تلك القرية المعلقة على سفح الجبل ، انها مصمص ، تلك القرية التي تحيط بها هالة من الرهبة والخشوع اجلالا ً للراحل راشد حسين ، وقد ” مصمصتني” بزعترها الجبلي ، وسحرتني بنسيمها العليل ، ودماثة اهلها وطيب معدنهم ، حتى كدت انتقل للسكن فيها واترك طيبتي الغالية ، هذا ولست في طريقي لكتابة ذكرياتي المثيرة المشردة ، ولكنني انتشل من بئرها السحيقة بعض المياه الشتوية ، لاقدمها لكم في كؤوس من عبير “.
نعم ، انها بلدي مصمص ، التي اعتز وافتخر فيها ، فهي بلد العز والكرامة ، بلد العلم والثقافة ، بلد التآخي والمحبة ، بلد العطاء والتطوع ، بلد العمل السياسي والثقافي والنضالي والاهلي والتطوعي ، بلد الكفاح التي صدت العنصري الفاشي مارزل على أبوابها ولم تسمح ان يدنس ترابها ، بلد المتثاقفين والمتأدبين الذين لهم بصمة واضحة على الحركة الادبية والثقافية الفلسطينية ، التي انجبت من رحمها وخرج من عباءتها الشعراء والادباء والكتاب والمبدعين والمفكرين والصحفيين والاعلاميين :
راشد حسين واحمد حسين ونواف عبد حسن ومحمد طه حسن ورياض حسين وكمال حسين وشاكر فريد حسن وصلاح محاجنة وطلعت شرقاوي ، ونبيل فتحي ابو شهاب وجادالله اغبارية وعبد الحكيم مفيد وطه محمد اغبارية وحسين مصطفى اغبارية ومحمود ابراهيم شرقاوي ومسعود احمد وعادل فريد حسن ويوسف حاج عبد ورشيد حاج عبد ، ورأفت آمنه جمال وميساء نائل محاجنة وفؤاد اغبارية وساهر نشأت اغبارية وبهاء نبيل ابو شهاب وسواهم .
مصمص التي قال فيها شاعرها وشهيدها وعاشقها راشد حسين :
هي قرية صلبت على صدر المثلث دورها
لا يستحي ان بنتمي لحقولها عصفورها
وذوائب الزيتون يرجف في الهواء حبورها
واذا اختفى شلال نور الشمس ينيرها
.. قنديل زيت من ذبالته تطل زهورها
ديوانها كالبرلمان تدار فيه أمورها
مصمص التي غنى وأنشد لها الشاعر والزجال الشعبي تميم الاسدي قائلاً :
مصمص دارة عز تعيش والله محييها
واللي بيجيها بالصيف بحب يشتي فيها
مصمص القرية المغلفة بالحزن والفرح ، التي خاطبها الراحل جمال قعوار يوم رحيل راشد واحتراقه في شقته ، فقال :
انا ” مصمص ” أبناء عم وجيرة
وأهل وأحباب وأم ووالد
انا ” احمد ” اطوي الضلوع على جوى
ولا ينطوي شوق مدى الدهر خالد
او كما جاء في رسالته من الجليل :
ايها المثلث الحبيب
ويا أيتها القرية المغلفة بالحزن
لكم كان راشد
يتطلع عبر المسافات الى الجليل
ليطلق في ربوعه آية الكفاح
يهتز لها جبالاً واودية وقلوبا
لكم كان راشد
يغني للريوع والزهور واللوز
فتثور عاصفة
وتهتز منابر
فايه يا شاعري “ايو ربيع ” لم يبق لا الوالد ولا الأم ولا احمد ولا أنت ، فانتم الآن تحت التراب وفي السماء ..!
يا مصمص ، قريتي المتسامحة المسالمة ،كم احبك ، واحب ترابك ، وزيتونك ، وافراحك ، مهما سودوا وجهك وشوهوا صورتك ، تظلين الحضن الدافىء والخيمة الأبدية ، التي يعشق اهلك الحياة وتجمعهم تسابيح الصلاة والاعياد المباركة والمناسبات السعيدة واالافراح والاتراح .
تظلين القصيدة الاجمل والرواية الاحلى ، كيف لا وانت مسقط رأسي ومولدي ونشأتي ومدرستي وملاعب صباي ، وبيادر الحياة .
انت الارض ، فلا تحرمينا المطر ..!!