الرئيسية
الإنتحار يعصف بشباب غزه
سجلت حالات الانتحار بين صفوف الفلسطينيين في قطاع غزة، معدلات غير مسبوقة بين الفلسطينيين في العام الجاري، نتيجة التدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانسداد أفق الحل السياسي.
وألقى الحصار الإسرائيلي والإنقسام بين الفلسطينيين، خاصة بين حركتي فتح وحماس اللتين تعتبران أكبر تنظيمين فلسطينيين في الشارع الفلسطيني، بظلالهما على التفكير الجدي بالإنتحار. وباتت البطالة والفقر نتيجة الحصار أحد أهم عوامل الإنتحار، إضافة لإنخفاض الوازع الديني، بحسب الدكتور رأفت العوضي.
وبيّن الدكتور العوضي أن الإنسان يحاول التخلص من حياته حين يزيد إحباطه، “ويشعر بالفشل الشديد في مواجهة الواقع الذي يعيش فيه وتدبير شؤون حياته اليومية، فيصبح بذلك غير قادر على التكيف مع أسرته ومجتمعه الذي يعيش فيه”. وأشار إلى أن العديد من المواطنين يفضلون الموت عن الحياة نتيجة الظروف الحياتية القاسية التي يعيشونها، “والتي أدت بدورها إلى ارتفاع معدل الاكتئاب النفسي لديهم.
وبينت إحصائية صادرة عن إدارة التخطيط والبحوث في الشرطة الفلسطينية في الضفة الغربية أن عدد محاولات الانتحار بلغت 250 حالة منذ مطلع عام 2009 الحالي، نتج عنها ثمانية حالات وفاة، في حين تم تسجيل 95 محاولة تسببت بوفاة 7 حالات وفاة في قطاع غزة منذ مطلع العام.
وأرجع أحد الضباط في تلك الإدارة ذلك “إلى انخفاض الوازع الديني”. وقال لإيلاف “عدم فتح حوار داخل الأسرة مع الشباب والشابات، بالإضافة إلى العنف الأسري، والظروف الاقتصادية والاجتماعية والفقر وارتفاع معدلات البطالة، زاد بشكل ملحوظ إرتفاع أعداد الإنتحار”.
ونفى أن تكون هناك حالات ناتجة عن الظروف السياسية. وقال “لا أظن أن الظروف السياسية الناتجة عن الإنقسام الفلسطيني، كانت سببا في الانتحار، فغالبا ما تعود اسباب محاولات الانتحار بسبب الضغوط الاقتصادية والمالية والفقر والبطالة، في حين فإن هناك 14 حالة من هذه المحاولات كانت بخلفيات أخلاقية”. وأوضح أن تقارير الشرطة الفلسطينية يرصد حالتين إلى 3 محاولات انتحار يومياً.
واستناداً إلى إحصائيات الشرطة، فإن الإناث تتفوق على الذكور في محاولات الانتحار، حيث بلغت نسبة الفتيات في الفئة العمرية فتتراوح بين 16 و45 عاما اللواتي حاولن إنهاء حياتهن، بلغن 60.6% من إجمالي المحاولات.
من جانبه، أوضح النقيب صابر خليفة، الناطق الإعلامي باسم الشرطة التابعة لحكومة غزة، أن حالات الانتحار “غالباً ما تكون بين الشباب، خاصة في مرحلة المراهقة، الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ21 سنة”، وقال لإيلاف “محاولات الإنتحار هذه تأتي بسبب ضيق العيش الناتج من الحصار الإسرائيلي لأكثر من ثلاث سنوات، ما أدى إلى عدم مقدرة أرباب الأسر على توفير ما يحتاجه أبناؤهم وتلبية رغباتهم، ما أدى إلى ميل هذا العدد منهم نحو الإنتحار”.
وأكد الناطق بإسم شرطة غزة أن ما مر به الشعب الفلسطيني في الفترة الأخيرة، والحرب على القطاع “ليس بالأمر الهين أو البسيط، فحينما يعجز رب الأسرة عن بناء غرفة تأوي أطفاله في وقت أنهت الدبابات الإسرائيلية مصادر رزقه(..) جميعها عوامل مؤثرة جدا في معظم حالات الانتحار، مشيراً إلى أن شرطة غزة عالجت العديد من القضايا قبل وقوعها بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات غير الأهلية ومؤسسات حقوق الإنسان.
وبين خليفة أن محاولات الانتحار تجري وفق أساليب مختلفة، مثل شرب المواد الكيماوية بشكل متعمد، كالكلور والكاز، أو الأدوية. كما يمكن محاولة الانتحار عبر القفز من علو، أو جرح إحدى الشرايين باليد.
ويشير الدكتور العوضي إلى أن السبب الرئيسي في محاولات الانتحار داخل غزة “سببها الحصار الإسرائيلي وتبعاته”. وقال “لقد حوصر الناس في كل مجالات حياتهم، وتوقف طموح الناس بالخروج إلى السفر والتعليم والعمل، كما أغلقت آفاق الحياة والزواج والبناء، وانعدمت فرص العمل بين صفوف الفلسطينيين، ما أدى بدوره إلى تفكير العديد منهم بالإنتحار”، منوهاً إلى أن الدمار الذي حصل لممتلكات الفلسطينيين بعد الحرب على قطاع غزة، وشعورهم بالضعف والعجز “لعب دوراً كبيراً في ارتفاع معدلات الانتحار”.