بعد مرور 47 سنة على وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، خرج وزير الصحة في الحكومة الحاليّة، د. أحمد عماد، بإتّهامٍ إستغربه الكثير من المصريّين جاء فيه أنّ الراحل كان السبب في إفساد منظومة الصحة والعلاج حين أقرّ بمجانيّة العلاج للجميع في عهده.
فـعماد أكّد أنّه لا يوجد شيء إسمه “مجانية العلاج” في العالم، ولكن هناك منظومة يساهم فيها جمع المواطنين، بحسب أوضاعهم الإقتصاديّة والإجتماعيّة، للحصول على العلاج المناسب، وليس بالشكل الذي طُبّق في الستينيّات بعلاج الجميع بالمجان.
مستشفيات تحوّلت لبيوت أشباح.. مسؤوليّة عبد الناصر أم وزراء المكاتب؟!
ما صرّح به الوزير كان في البرلمان المصري، و جاء بغضبٍ واسع من جانب عددٍ كبير من النواب الذين تحدّثوا عن الوصول إلى وقتٍ يهاجم فيه عبد الناصر بسبب شعوره بالفقراء.
و خرج الغضب إلى الشارع لا سيّما أمام المستشفيات المتكدّسة بالمرضى، وسط انهيارٍ للخدمات الصحيّة المقدّمة للمواطنين وتحوّل عددٍ كبير من المستشفيات إلى مبانٍ مهجورة من الأطبّاء والممرّضين والمراكز الصحيّة إلى أسواق للباعة الجائلين أو مرتعاً للحيوانات.
وقد طالب الناس بإقالة الوزير الذي إنهارت الخدمات الصحيّة في عهده تماماً والذي ينشغل بالإدلاء بتصريحاتٍ تستفزّ الكثيرين الذين تساءلوا: “هل تحوّلت المستشفيات إلى بيوت أشباح بسبب سياسة عبد الناصر أم لجلوس المسؤولين والوزراء في مكاتبهم؟!”
أبناء جمال يحرّكون أنصاره ضد الوزير
داخل البرلمان المصري، هناك مناصرون وقوميّون يتمسّكون بأفكار عبد الناصر، وقد نقلوا غضب إبنيْه عبد الحكيم ود. هدى إلى رئيس مجلس النواب د. علي عبد العال، مشيرين إلى أنّه وبعد ما قدّمه ناصر للمصريّين من مجانيّة للصحة والتعليم، فرّط فيها من جاءوا بعده بسبب سياساتهم المنحازة للأغنياء، ليأتي الوزير ليتّهمه بإفساد منظومة الصحة.
وبحسب مصادر في البرلمان، تمّ التواصل مع رئيس مجلس الوزراء الذي عنّف وزير الصحة بسبب هذه التصريحات، الأمر الذي جعله يخرج على الفضائيّات وفي تصريحات صحفيةٍ، ليتّهم الصحفيّين بتغيير معنى تصريحاته، و يقول إنّه كان يطلب من البرلمان إستكمال ما بدأه عبد الناصر في منظومة الصحة، وأنّه لم يقلّل أبداً ممّا قدّمه من مجانيّة في العلاج.
أصوات تتّهم السادات ومبارك بإفساد المنظومة
و قال نوّاب في البرلمان، ومن بينهم الناصري عبد الحميد كمال، إنّ من أفسد المنظومة هما من جاءا بعد عبد الناصر؛ “السادات” و”حسني مبارك”، وذلك لعدم توفيرهما الموارد الماليّة اللازمة لإستمرارها، فيما قالت النائبة سوزي ناشد إنّ الدستور الجديد أقرّ تخصيص نسبة 3% من الناتج القومي الإجمالي في مصر لمنظومة الصحة.
ومع ذلك، لم يُطبّق هذا الأمر من جانب الحكومة في الموازنة، ممّا جاء بتراجعٍ أكبر لعلاج المواطنين.
حرب عبد الناصر في اليمن تدخل في معركة الصحة
ولكن هناك من يرفضون سياسات عبد الناصر في الخارج، وقد أقحموا هذه القضيّة في تلك السياسات.
فوسط هذا الجدل، ساند نوّاب بالبرلمان وزير الصحة في إتّهامه لناصر، طارحين تساؤلاتٍ حول عدد السكّان في هذا التوقيت الذي لم يزد عن 20 مليوناً، والذي كان مناسباً لإرساء العلاج بالمجان، لا سيّما مع تحسّن الوضع المالي لمصر التي كانت تقوم بتسليف دولٍ.
و قال البعض إنّ عبد الناصر أهدر مخزون الذهب المصري الذي كان من أكبر المخزونات في العالم، بسبب تدخّلاته في شؤون دولٍ أخرى، متحدّثين عن أنّ ميزانيّة مصر في الستينيّات كانت 360 مليون جنيه، وقد دُفع منها في حرب اليمن وقتها، ممّا أضعف الوضع المالي بسبب هذه التدخّلات، فتأثّرت منظوماتٍ مثل الصحة والتعليم لعدم وجود مصادر للتمويل.
