اقلام حرة

بقلم عضو المجلس التأسيسي لفرع غزه د-عوض قنديل

الكبار يموتون و الصغار لا ينسون .. نجحت إسرائيل و استبدلت موقعها في مربع الكراهية و أجلست من ينوب عنها في هذا الدور فأصبحنا بنعمته مع إسرائيل إخوانا و تحولنا نكره بعضنا البعض و نكيد لبعضنا البعض و نجهز الدسائس و المؤامرات الكاذبة كي نجنِّد قطعان العامة من الجهلاء و المتعصبين على الفضائيات و وسائل الإعلام المأجورة لدرجة أننا بطلنا نكره إسرائيل و الوحيد الباقي ممن كانوا يكرهون إسرائيل هو شعبان عبد الرحيم ( شعبوله ). ما الذي أوقف نمو المواطن الطبيعي و إن كان متواضعا و دون المستوى, ما الذي قزَّم سقف حقوقنا الوطنية و تطلعاتنا الإنسانية في اللحاق بركب الحضارة و التقدم البشري ليحصرنا في أساسيات الحياة و متطلباتنا في فطرة الكائنات الحية لتتوقف عند المأكل و المشرب من فتات الأسياد و عساكر السلطان لنكتوي ببرد الشتاء و نصطلي بقيظ تموز تحت جدران متساقطة على رؤوسنا مع كل اعتداء أو اجتياح , ما الذي يعنيني من النصر ما دمت أعيش في كارافان بعد أن تدمر بيتي فوق رأسي و نجوت بجلدي فقط , ما الذي يعنيني يا سيدي من موكبك بسياراتك المصفحة ضد الرصاص, كيف سأقتلك و أنا لا أمتلك قوت يومي, ما الذي يعنيني من شياكتك يا سيدي الرئيس و أنت تستقبل و تودع و تستضيف أصحاب المعالي و العلالي و أنا ألبس جوارب مثقوبة تحرجني بين المصلين خمس مرات كل اليوم, ما الذي يعنيني من فخامة مكتبك و أنا أجلس على الأرض في ظل شجرة إن وجدتها كانت كثيرة الأشواك توقظني كلما غفوت بوخزة, أعطني رجلا من كرسيك الأثير أتوكأ عليها عند ذهابي لصلاة الفجر و أهش بها على الكلاب التي تراود نفسها بالهجوم عليَّ من الجوع و أنا عائد من صلاة العشاء. سيدي و لست بسيدي, ما الذي أركبك على كتفي و لم يُنزلك, سيدي و تاج رأسي إن أرجعتني إلى بلادي و رددت كرامتي على المعابر و أوقفت ضباع الطرقات التي عافت الفطائس و تجرأت على نهش لحمي المُستباح بصفقات الخزي التي تعقدها, و إلا فلا تشكل مملكة القمل في رأسي من شح الماء و شح الدواء و الرعاية الصحية و قلة حيلتي من كثر ما مصصت دمي بضرائبك و جبايتك و تحصيل رسومك الوهمية بمسميات لم يعهدها و لم يبتدعها زبانية فرعون و هامان, لا تبني قصورك من جماجم أخوتي و جيراني و زملاء الطفولة البائسة التي قاتلنا و دفعنا دماءنا و أرواحنا و زهرات شبابنا في السجون و الغربة و في القبور كي نفرح بيوم عيد كل صباح كما بقية البشر, أخرج يا سيدي كما خرج المحتل أو كما يخرج المتلبس من الجن من أصبع القدم و خذ معك أظفر أو جزء من القدم , أخرج و ما عليك و اتركنا نهيم في كوابيسنا التي جلبت بنحسك و دجلك المغلف بحب الوطن المعنون بأن المواطن أغلى ما نملك, دع لنا أكفاننا نحيك منها و نفصل أحلامنا تفرحنا و إن كانت بعيدة أو غامضة. ما الفرق بينك يا سيدي و لست بسيدي و بين المحتل الذي يعاقبنا إن أحببنا الوطن و يصفدنا في عتم زنازينه إن انتقدناه و كشفنا عورته, ما الفرق بينك و بينه عندما تسرق رغيفنا و تحرمنا من أن نحشوه بما لذ و طاب من الخيال لنلهي به أطفالنا بدلا من طهي الحصى على نار الفقر و الفاقة, ما يعنيني شبعك و أطفالي يتضورون, ما يعنيني هندام أطفالك و أطفالي عراة, ما يعنيني بهرجة أضوائك و أنا أبيت على شمعة قد تحرقني و أطفالي إن سهيت, ما يعنيني طقوس نصرك على الفضائيات و الاحتفالات و أنا مهزوم في داخلي في منطقة اللاوعي التي تشدني كلما أفقت و حاولت أن أصفق لك نفاقا أو كي أسرق بعض الفرح المزيَّف, ما الذي جعلنا نكره الوطن و ندفع الغالي كي نهرب منه و نلقي بأرواحنا لكلاب البر و البحر لنصبح ولائم رخيصة لحثالة البشر من النخاسين و تجار الدين و السياسة , هل يكره الرجل بيته و يلقي بنفسه إلى شوارع البؤس و التشرُّد في دول غريبة تؤويه و تحميه من ظلم ذوي القربى و قسوتهم عند إخراج اللقمة من جوفه ليطعموها لكلابهم التي تتبعه كظلِّه لتشاركه الشهيق و الزفير. يا أسياد النوائب, متى سترحلون , متى ستتركوننا نتنفس بلا أثقال تكتم صدورنا و بلا سلاسل تعيدنا إلى الخلف كلما فرحنا بخطوة إلى الأمام و إلى الأرض كلما حاولنا الهرب من واقع علقمي الطعم و حنظلي الرائحة و المذاق, كوابيسكم تفزعنا مع كل استطلاع للرأي بإحصائيات العنوسة و الانتحار و قوائم النصب و الذمم المالية في السجون و الاختلاس و الرشوة و التزوير و الغش التجاري, كيف سننجو بالشباب من السقوط ضحايا المخدرات و عقاقير الإدمان التي تنتشر كلما هبت رياح المهربين و المروجين, من سيوقف انتشار السرطان و الفشل الكلوي بسبب الأطعمة الفاسدة منتهية الصلاحية و المبيدات و الكيماويات التي لا يُراعى فيها فترة التحريم و يتناولها الناس ليتزايد أعداد المرضى الذين لا يجدون العلاج و لا الرعاية و يتركون فريسة للمراكز الخاصة بأسعارها التي لا تطاق أو ضحايا للإهمال و الأخطاء الطبية في المستشفيات الحكومية . متى ستقبلون الشراكة و تبدؤون المصالحة و تنهون الانقسام ؟ أو متى ستتركوننا نقلع شوكنا بأيدينا و ترحلون ؟؟

مقالات ذات صلة

إغلاق