الرئيسية

فادي قنبر سبق “الشاباك” بخطوة

ليست سحابة صيفٍ ولا شمس الشتاء، إنها كالفجر لها أوانٌ لا تخلفه، على هذا النحو يفسر قادة جهاز المخابرات الإسرائيلي “الشاباك” عملية جبل المكبر التي نفذها الشاب فادي قنبر، الأحد 8 كانون الثاني، وأمثالها من العمليات النوعية المفاجئة في الزمان والمكان، والتي تجري بمبادرةٍ ذاتيةٍ من منفذيها، منذ اندلاع ما تصنفها إسرائيل بأنها “انتفاضة المنفردين”.

عملية حي الشيخ جراح في مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، التي نفذها الشاب مصباح أبو صبيح، دشنت مرحلة “الجيل الثاني” من “هجمات المنفردين”، التي بالإمكان تسميتها بـ”المنفرد النائم” الذي يعمل بصمتٍ لإنضاج الشروط الموضوعية لنجاح عمليته.

ففي حالة صبيح كان الشرط الضروري الحصول على سلاحٍ آلي، وإتقان استخدامه بسرية تامة، ومن تلك العملية استخلص “الشاباك” ضرورة مضاعفة جهوده لتجفيف منابع السلاح التي قد تصل إليها أيادي “المنفردين”، وذلك من خلال تدمير ورش التصنيع، وقطع طرق التهريب.

اقرأ/ي أيضًا: عن الفدائي فادي وشاحنة الانتفاضة

ويبني “الشاباك” جهوده هذه على فرضية أن “المهاجم المنفرد” أو “المنفرد النائم” سيقلد من سبقوه، خاصةً من أثخنوا جراح الإسرائيلي، فيحاول استباق يقظة “المهاجم المنفرد المقبل”. لكن فادي قنبر لم يذهب إلى حيث ينتظره “الشاباك” أثناء بحثه عن سلاح، وإنما سبقه في اتجاهٍ جديدٍ بتحويل “الشاحنة” لسلاحٍ فتاك. بذلك صار التقليد المميت من نصيب “الشاباك” في مواجهةٍ مع “المنفردين”.

كما أشارت وسائل الإعلام العبرية بالاستناد إلى مصادر استخبارية وأمنية، فإن الإعداد للعملية استغرق فترةً طويلةً، التزم خلالها الفدائي بقواعد السرية التامة، إذ لم يكن نشيطًا على وسائل الإعلام الاجتماعي كما درجت العادة في صفوف المنفردين، وهذا جعل مهمة تحديد نواياه أمرًا خارج نطاق قدرة أي جهازٍ استخباري. وحتى قبل الهجوم بلحظات، وفقًا للقناة العاشرة، فقد واظب على تطبيق إجراءات التمويه، فاتصل بزوجته وأخبرها أنه في طريقه إلى المنزل.

أما الإخفاق المتكرر لـ”الشاباك” فيتعلق بفشل “سياسة الردع” الرامية لثني أبناء القدس عن تنفيذ عمليات. فالشاب قنبر لا بد أنه سمع عن العقوبات الانتقامية التي فرضت على أسرة أبو صبيح، لكن ذلك لم يدفعه للتراجع.

أما ميدانيًا فقد أخفقت شرطة الاحتلال التي ضاعفت بعد عملية الشيخ جراح من تواجدها وعززت دورياتها في المناطق المحاذية للأحياء الفلسطينية داخل القدس المحتلة. ومع ذلك نجح فادي باستهداف الجنود بشاحنته في اللحظة المثالية بعد نزولهم من الحافلة، وعجز مئات الجنود الذين شتت الفزع جموعهم عن إطلاق النار، الأمر الذي أتاح لفادي تكرار عملية الدهس للجنود وهو “إجراء تأكيد القتل” الذي ينفذه جنود الاحتلال بحق الفلسطينين بإطلاق رصاصتين في الرأس.

وتقول القناة الثانية إن اثنين فقط أطلقا الرصاص على فادي قنبر من بين 300 جنديٍ تواجدوا في موقع العملية، وهو ما اعتبره مراسل القناة أور هيلر مناقضًا للعقيدة العسكرية للجيش الإسرائيلي، “التي تقضي بالسعي لمواجهة الأخطار والتصدي لها بالسرعة الممكنة”.

شريط الفيديو الذي وثق الهجوم، أظهر جنود الاحتلال في عيون الإسرائيليين بصورة الطرف الذي يحتاج الحماية بدلاً من أن يوفرها لهم. ومشهد تفضيل غالبية الجنود الفرار على الاشتباك مع المهاجم والتحقيق الذي فُتح بالأمر، ألحق أذىً معنويًا بصورة الجيش الذي لا يقهر.

وعلى الجانب الآخر، فإن تلك الثواني من الفيديو التي وثقت هرب الجنود، أمدت الجيل اليافع من الفلسطينين و”انتفاضة المنفردين” بذخيرةٍ جديدةٍ ستديم زخمها حتى يستكمل “المنفرد النائم المقبل” شروط نجاح العملية الجديدة.

مقالات ذات صلة

إغلاق