شعر وشعراء
الكريم واللئيم شعر جواد يونس
الكريم واللئيم
أَرى الدُّنْيا دُجى اللَّيْلِ الْبَهيمِ *** إِذا احْتاجَ الْكَريمُ إِلى اللَّئيمِ
فَلا طَلَعَتْ عَلَيَّ الشَّمْسُ يَوْمًا *** بِهِ أَحْتاجُ إِحْسانَ الزَّنيمِ
فَكَأْسُ الْمَوْتِ أَحْلى مِنْ حَياةٍ *** بِها تُسقى الْمَذَلَّةَ مِنْ رَجيمِ
وَكَمْ وَقَفَ الْكَريمُ بِبابِ نَغْلٍ *** وَدَمْعُ الْعَيْنِ تَسبيحُ الْغُيومِ
وَيَدْعو الْأَرْضُ تَبْلَعُهُ كَماءٍ *** وَلا يُلْقى بِوَجْهٍ كَالصَّريمِ (*)
دَعَوْتُ اللهَ مُضْطَرًّا فَرَبّي *** قَريبُ الْجودِ مِنْ عُبُدِ الرَّحيمِ
إِلى الرَّحْمنِ قَدْ فوَّضْتُ أَمْري *** فَحَسْبيْ اللهُ في كَرْبي الْجَسيمِ
إِلى مَلِكِ الْمُلوكِ شَكَوْتُ بَثّي *** وَلَمْ أَلْجَأْ لِمَلْكٍ أَوْ زَعيمِ
وَكَيْفَ أَرومُ فَضْلًا مِنْ عَبيدٍ *** لَهُ (وَاللهُ ذو الْفَضْلِ الْعَظيمِ)؟!
قَضَيْتُ بِهذهِ الدُّنْيا حَياتي *** عَزيزًا في طَريقٍ مُسْتَقيمِ
وَأَرْجو اللهَ يَجْمَعُني بِحِبّي *** رَسولِ اللهِ أَحْمَدَ في النَّعيمِ
وإِنْ تَكُ لي ذُنوبٌ لَيْسَ تُحْصى *** فَإِنَّ الْعَفْوَ أَجْدَرُ بِالْكَريمِ
وَقَدْ تَعْفو عَنِ اللَّمَمِ الْبَرايا *** وَلا تَعْفو عَنِ الذَّنْبِ الْعَظيمِ
وَرَبُّ النّاسِ يَغْفِرُ كُلَّ ذَنْبٍ *** فَلَيْسَ يُضِرُّ ذَنْبٌ بِالْعَظيمِ
وَكَمْ مَلِكٍ عَفا بِرًّا وَحِلْمًا *** فَكَيْفَ الظَّنُّ بِالْبَرِّ الْحَليمِ؟
أُعيذُ اللهَ أَنْ تُلْقى عُيونٌ *** بَكَتْ خَوْفَ الْمُهَيْمِنِ في الْجَحيمِ
أُعيذُ اللهَ أَنْ يُهْوى بِروحٍ *** بِحُبِّ اللهِ تُشْرِقُ في السَّمومِ
أُعيذُ اللهَ أَنْ يُسْقى فُؤادٌ *** رَجا الْغَفّارَ مِنْ ماءٍ حَميمِ
وَحاشى اللهَ يَخْذُلُ مَنْ أَتاهُ *** بِقَلْبٍ خاشِعٍ غَضٍّ سَليمِ
الظهران، 5.12.2016 جواد يونس
=======
(*) الصَّريم: الليل. (لسان العرب: مادة صرم).
قال (تعالى) في قصة أصحاب الجنة: “فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ” (القلم: 20)، أي احترقت فأصبح سوداء كالليل.