اقلام حرة

قانون العشائر شرّعنة لمجالس الاسناد .. وخطوة تسبق قانون مجلس الاتحاد قحطان السعيدي

حين نستقرئ الظواهر الاجتماعية والسياسية لابد لنا من الركون الى مبادئ الحكمة في قراءة السببيّة كأحد مبادئ العقل، وعلاقة السبب بالمسبب لنستخلص ان لكل ظاهرة سببا او علة.
بالامس القريب في حكومة المالكي تشكلت مجالس الاسناد وقد أغدقت الحكومة حينها على تلك المجالس الاموال والهبات والأسلحة حتى صارت تلك المجالس الآمر الناهي وسط الهيئة الاجتماعية لتعثر عمل القضاء .. ومسخت أصول التقاضي امام المحاكم وصار الفصل العشائري أساسا لعنوان الرضى بين العشائر المتناحرة، وسقوط هيبة الحق العام للهيئة الاجتماعية، ناهيك عن ممارسات الثأر (والنهوّة ) بعدم زواج بنت العم من آخر الا بموافقة ابن عمّها .. نعم انها حالة ارتداد للقيم الاجتماعية تمثل حالة التردي لقوام الدولة المدنية .. التي غادرت قوانينها الدولة العراقية بعد اعلان الجمهورية عام ١٩٥٨ بابطال قانون العشائر والتأسيس لنواة الدولة المدنية، وكذلك إعلان اول قانون للأحوال الشخصية في المنطقة يقرّ بحقوق المراة المدنية، ونلفت الانتباه ان البرلمان العراقي الحالي يكتب في أروقته القوانين الجعفرية والسنية والمطالبة بإلغاء قانون الأحوال الشخصية بغية تعطيل المرأة واقرار تبعيتها.
يبدو ان حكومة الاسلام السياسي وضعت اللبنات الاولى لتخريب الهيئة الاجتماعية بغية الاستمرار بمقاليد الحكم الى يوم يبعثون طالما انها تسيطر بتلك الخطوات على صناديق الاقتراع تزويرا وترهيبا وعطاءا .. فانها بعد خطوة قانون الحشد الشعبي كجيش رديف لمسخ هوية الجيش العراقي جاء الامر مجسا لعدم الاعتراض الشعبي فقد باشرت بالاعداد الى تقديم قانون العشائر وهو اضفاء الصفة الشرعية لمجالس الاسناد الذي عمل عليها المالكي وأنهكت ميزانية الدولة برواتب وهمية ومقرات واليات ودوائر خدمية لتلك المجالس.
هنالك سؤال علينا طرحه بعد تلك المقدمة:
العشائر العراقية تمتد جذورها بعيدا .. تلك حقيقة لا يمكن استبدالها او تبديل شيوخها فهي تعتمد على التوريث بالمشيخة اي ان الأب يهب ابنه تلك الوجاهة والصفة .. ولوقت قريب ما بعد عام ١٩٩١ انشأت تلك التجمعات وارتباطها بالحكومة وتم حينها تصنيف الشيوخ (آ،ب،ج) ووقتها ظهرت النكات والتهكمات ان الشيخ اصلي او مزوّر وفقا للمثل الشعبي العراقي (خط ونخلة وفسفورة) ، وتجدر بِنَا الإشارة حفاظا على الذوات من الشيوخ الاصلاء الذين لم تاخذهم تلك الحماقات سواء قبل ٢٠٠٣ او ما بعدها.
السؤال: هل ان شيوخ الاسناد لحكومة المالكي هم ذاتهم شيوخ التسعينات الذين يتراقصون امام صدام؟ او تم استبدالهم بشيوخ جدد وذلك استحالة على العرف السائد في منهجية القبيلة وتسمية شيخها.
لكل ما تقدم فان قانون العشائر هو ترسيخ لمجالس الاسناد المالكية بغية استخدامها كورقة انتخابية قادمة، دون الاخذ بنظر الاعتبار لما تشكله تلك القوانين من ردة اجتماعية لبدائية الحياة وإيقاف التنمية البشرية وتعطيل سيادة القانون والرقيّ المجتمعي.
وان صاحب القرار لتحريك هكذا قانون يؤسس الى احراج المشرع لاحقا في قانون الاتحاد الذي نص عليه الدستور العراقي كمجلس تشريعي له العلويّة على البرلمان العراقي في رسم السياسات العامة ونقض القوانين التي يرتأي عدم مسايرتها مع المصلحة الوطنية .. لان المقترح في تسمية قانون الاتحاد هو وجود مقاعد كوتا للطوائف الدينية متمثلة برجالات الدين الإسلامويين، ويريد من يشرعن قانون العشائر ان يضيف مقاعد اخرى للعشائر في مجلس الاتحاد الى جانب رجال السلطة الإسلامويين، بغية ان يسلب الروح المدنية للمجتمع العراقي والاخذ بناصيته نحو القَبَليَّة والطائفية.

المصدر : الصدى نت

مقالات ذات صلة

إغلاق