شعر وشعراء

الايام / جواد يونس

من مجموعتي غير المنشورة (لزوميات مغترب)

الأيام

هي الأيّامُ: نِقمتُها بَلاءُ
وعند الفذِّ نِعمتُها ابتِلاءُ

وكم غرَّت بزينتِها جَهولًا
يرى أن العُلوَّ بها العَلاءُ!

يرى الفَدمُ العجوزَ بوجهِ خَودٍ
إذا أخفى التجاعيدَ الطِّلاءُ

لقلب الحُرِّ ذي الدنيا جحيمٌ
له بلهيبِها العاتي اصطِلاءُ

على الجُهّال غُمَّ الأمرُ … لكِن
أمورُ العارفينَ لهم جَلاءُ

عرفتُ حقيقةَ الدُّنيا، فأنصت
إليَّ، وما عليَّ لكَ ائتِلاءُ

فعندي بئرُ حكمةِ كلِّ فَحلٍ
وما الأشعارُ ذي إلّا الدِّلاءُ

نصحتكُ مُخلِصًا فاسمعنِ واعقِلْ
وآيةُ نُصحِ صَحبي الِاختِلاءُ

هيَ الأيامِ ليسَ لها عُهودٌ
وليسَ لها كفيلٌ أو تَلاءُ (1)

فكن معَ ربِّك المولى فما، في
سِوى حفظ الكريمِ لَنا، كِلاءُ

ووالِ اللهَ والأخيارَ تكسَب
ولا يكُ للشياطينِ الولاءُ

وَما الدنيا سوى زَبَدٍ، وأَنّى
يُرام الزُّبْدُ منهُ أوِ السِّلاءُ؟!

فَلا تُترِفكَ … إن تُرضِعك عامًا
سَتُفطَمُ حينَ يُوجِعكَ الفَلاءُ (2)

فما ابتسمَت لمرءٍ يومَ سَعدٍ
ولم يُحزِنهُ مِن بَعدُ القَلاءُ

كمِ افتقرَ المَليءُ فصارَ يُقصى
إذا اجتمعَت لدى الحدَثِ المِلاءُ!

وكم جاعَ الذي ما كان يدري
بمَن يكوي بطونَهُمُ الغَلاءُ!

وبات على الحديدةِ مَن غَداهُ
المَناسفُ والعَشاءُ هُوَ الصِّلاءُ (3)

وكم أنسَت حوادثُها بلادًا
رغيدَ العيَشِ إذ عمَّ البَلاءُ!

وَمهما في مباهجِها أقمنا
فإنَّ نهايةَ العَيشِ الجَلاءُ

وَكم سادت بذي الدُّنيا ملوكٌ
وتِلكَ قُصورُهم مِنهم خَلاءُ!

الظهران، 12.1.2019 جواد يونس
=========================
(1) التَّلاءُ: الذِمّة، ومنه قول زهير:
جِوارٌ شاهدٌ عَدْلٌ عليكُم * وسِيَّانِ الكَفالةُ والتَّلاءُ
(الصحاح في اللغة: مادة تلا)

(2) فلاَ الصَّبِيَّ والمُهْرَ فَلْواً وفَلاءً: عَزَلَهُ عن الرَّضاعِ، أو فَطَمَهُ. (القاموس المحيط)

(3) الصِّلاءُ، بالمدِّ والكَسْرِ: الشِّواءُ لأَنَّه يُصْلَى بالنَّارِ. (لسان العرب: مادة صلا)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق