نشاطات

خلف ستار المسرح .. الحقيقة ما بين العقل والواقع

خلف ستار المسرح .. الحقيقة ما بين العقل والواقع

        إذا كنت من الباحثين عن بعض الحقيقة قاتل لتصل خلف ستار المسرح لترى البصيص من الحقيقة، لأننا لم ندرك أن ما يوجد على خشبة المسرح سوى التمثيل والخداع والسحر والبهلوان، ترى الجمهور بالمسرح لا يستطيع أن يشاهد بعقله ما يوجد خلف ستار الكذب والخداع من مقاصد كامنة متلثمة؛ لأن التفاهات والترهات تشغل عقولنا بالتفكير بالأشياء اللاقيمية على تلك الخشبة، نعتقد أن كل ما نراه ظاهرًا هو الحقيقة .

        فلكل شيء في هذه الحياة ستار تختبئ خلفه الحقائق، والتي تحتاج إلى عقل ناضج وواعي للغوص في بواطن الأشياء، ولكي يظهر لنا مسوقات الغموض وينجلي الستار قليلا عنها .

غمام الحقيقة ..
        ربما لا أحد يرى الحقائق كاملة وبوضوح كما تراها الشياطين وأتباعهم من الإنس، أو ربما نغض الطرف عن الحقيقة لا نريد أن نراها أو الاستماع إليها، في زمن أصبحت فيه الحقيقة كسراب كلما اقتربنا منه اختفى، وحين أصبحت الحقيقة في زمننا شيء لا يصدقه الناس بل وإنكارها أصبح لهم واجباً مقدسًا، فإذا لم يجدوا الحقيقة أنكروها أو حلو محلها دون ذلك، فيقول الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه عن تقبل الإنسان للحقيقة ” لا تحرموا الإنسان من الكذب، لا تحرموه من تخيلاته، لا تدمروا خرافاته، لأنه لن يتمكن من العيش من خلال الحقيقة “

        ومن يدعي المعرفة بالحقيقة حتما سيظهر من كلامه وأفعاله دليل على جهله وعقله الفارغ -ليس من الحقيقة فقط- بل من العلم والمعرفة التي قد توصله لجزء من الحقيقة، لذا ستجد بعض الحثالة يلوثون هذا العقل الفارغ بما يتناسب مع أهوائهم ومصالحهم ويتلاعبون بعقله ويتحكمون به كما لو أنه آلة، فلا تدعهم لسذاجتك، فبصيرة العقل نعمة الله علينا، لذا قف ثم فكر ثم تحدث ثم افعل ما يحلو لك، فأغلبنا يتحدث بلا وعي بما يقوله، ليس يدري العاقبة لقوله وفعله .

حقيقة في الكون ..
        الحقيقة الكاملة والمطلقة الوحيدة في هذا الكون هو الله وما دون ذلك أنصاف حقائق، فهناك من البشر من يدعى اللآوجود للإله، فحقيقة الله ليس لها الحاجة إلى دليل ومبرر لإدعاءات الملحدين على الله, فقط تفكر في الخلق والكون ستجد الحقيقة ظاهرة .

        وتجد الاختلاف بين البشر بالحقائق المطلقة، فمن الطبيعي وجود اختلاف كبير بين البشر بالحقائق النسبية وأنصاف الحقائق، فالكل يرى الحقيقة من منظوره المختلف، فالاختلاف هنا ليس في بؤبؤة العين بل في العقول المغيبة عن التفكير الصائب في ثنايا تلك الحقائق والعقول التي عفا عليها الزمن .

حقيقة الموت ..
        لم ندرك هذه الحقيقة الغائبة الحاضرة ولا بمجرد التفكير بها فقط، فهي غائبة علمها عند الله لا ندري متى وأين وكيف؟، وحاضرة في كل يوم نرى فيه أُناس تموت وتدفن في القبور، لم نستنبط العبرة من موت الفجأة ولم نستعد لهذا اليوم الذي لا ندري هل سيكون غدًا أو بعد غد ؟!

اغتصاب الحقيقة !!
        تجد خطورة وسائل الإعلام (السلطة الرابعة) والتي من المفترض أن تكون الحارس والرادع المتين للحقيقة، في أنها تكذب بكل صدق وتغتصب الحقيقة وتغير شكل الأفكار والمفاهيم وبنية الحقائق دون شعور أو وعي، لذا أطلب من الحقيقة أن تقف عاريةً لينظر الجميع إلى مفاتنها، لعلهم يبصرونها جيدًا, ولو أبصروها لما تمنطقوا بها، بل ستجد هذا الإعلامي والصحافي وهذا الكاتب وذاك رئيس التحرير يغتصبون تلك الحقيقة العارية ويتغنوا على مفاتنها لأجل إرضاء الساسة والسياسة .

        إن تصديق الزيف الذي يدور حول جمال القول أو الوجه لهو طريق الجهل وتدمير العقل، لذا اسع جاهدًا أن تستملك الحقيقة بكل ما أوتيت من قوة فذاك السبيل الوحيد للنجاة في هذا العالم، فلا مجال للضعف والتقاعس وإلا ستموت في كهوف مظلمة ولن تجد من يلتفت إليك، واعلم أنه لا شيء مستحيل في هذه الحياة سوى إحياء الموتى .

        يقول المهاتما غاندي للباحث عن الحقيقة “يجب أن يكون الساعي إلي الحقيقة أكثر تواضعًا من الغبار، عندئذ يكون بوسعنا إلقاء نظرة خاطفة إلى الحقيقة “

        ويقول توماس هنري عن التجرد من الذات للوصول للحقيقة “اجلس أمام الحقيقة وكأنك طفل صغير، وكن مستعدا للتخلي عن كل أفكارك المسبقة، واتبع الطبيعة بتواضع إلى أي مكان وأي هاوية تقودك إليها، وإلا فلن تعلم شيئًا”

مقالات ذات صلة

إغلاق