مقالات

القرار الرئاسي الفلسطيني بتعيين الشيخ، الدلالات والتوقيت!!

سهيل دياب- الناصرة د. العلوم السياسية

لا شك أن تسارع صدور الإعلان الدستوري ربما خطوة استباقية أمام تداول اسم الأسير مروان البرغوثي كأحد أبرز المرشحين المحتملين لقيادة المرحلة المقبلة..
أن المرسوم الرئاسي الذي ينص على تولي نائب الرئيس مهامه في حال غياب الرئيس، سواء كان صائباً أو مثيراً للجدل، يحمل في توقيته ومضمونه دلالات سياسية عميقة، تعكس واقعاً فلسطينياً معقداً يمرّ بحالة من المخاض والارتباك بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، ومحاولات للبحث عن كيفية الانتقال من المرحلة الراهنة إلى مرحلة سياسية جديدة.

هذا القرار يشير إلى حالة توتر داخل النظام السياسي الفلسطيني، سواء داخل منظمة التحرير أو داخل حركة “فتح”، حيث تتعدد الرؤى حول كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة.
إذ ان هناك تيار يدعو إلى تعزيز الطابع الجماعي للعمل الوطني، والحفاظ على دور المؤسسات التشريعية كالمجلس التشريعي والمجلس الوطني، لتبقى صاحبة الكلمة الفصل في أي تغييرات سياسية مستقبلية، في المقابل، يقف تيار آخر يدفع نحو تركيز السلطة بيد الأطراف المتنفذة، مفضلاً النهج الفردي والشخصي، وامتداد مصادر القوة من القياده الحاليه، على حساب العمل المؤسسي التوافقي.

إن المرسوم الرئاسي جاء كذلك نتيجة تراكم ضغوطات سياسية إقليمية ودولية على القيادة الفلسطينية، من إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية مؤثرة، في محاولة لإعادة رسم المشهد الفلسطيني بعد حرب غزة. فالقرار محصلة طبيعية لنجاح هذه الضغوطات.فالقرار يعبر عن استجابة لهذه الضغوط، ويهدف في الوقت ذاته إلى فرض أمر واقع جديد يعيد ترتيب موازين القوى بين الفصائل الفلسطينية قبل الدخول في أي تفاهمات أو تسويات قادمة.

إن تسارع صدور المرسوم أو الإعلان الدستوري من قبل الرئيس محمود عباس قد يرتبط أيضاً بخطوة استباقية أمام تداول اسم الأسير مروان البرغوثي في الأسابيع الأخيرة كأحد أبرز المرشحين المحتملين لقيادة المرحلة المقبلة، ما دفع بعض الأطراف للضغط نحو تسريع إجراءات تضمن ضبط مسار الخلافة داخل النظام السياسي، وتفادي بروز سيناريوهات لا ترغب بها أطراف إقليمية أو دولية ومن ضمنها سيناريو بروز البرغوثي.

إن جميع هذه العوامل ـ الداخلية والخارجية ـ أسهمت في صياغة القرار الأخير، الذي يعكس حالة “الارتباك البنيوي” التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني حالياً، ويعبّر عن نهاية مرحلة تاريخية لقيادات الجيل المؤسس وبداية مرحلة انتقالية نحو قوى جديدة، معظمها من الأجيال الشابة، لكنها ما زالت تواجه “مرحلة قيادات الظل”، أي استمرار نفوذ الجيل القديم إلى حين اكتمال التحول القيادي.

وبإعتقادي أن المخرج من هذا المشهد يكون عبر العودة إلى تفاهمات القاهرة وموسكو وبكين بين الفصائل الفلسطينية، والتشديد على ضرورة عدم تحويل المرسوم إلى نقطة خلاف جديدة تُعرقل التفاهمات الوطنية الأخيرة. فالطريق الوحيد لضمان الاستقرار يتمثل في الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة منظمة التحرير، قائمة على أساس برنامج سياسي واقعي يضمن وحدة الجغرافيا الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ويمهد لإجراء انتخابات حرة يقرر فيها الشعب الفلسطيني قياداته الشرعية.

إن المرحلة الراهنة دقيقة للغاية وتتطلب حواراً عميقاً داخل كل فصيل، وبين مختلف الفصائل فيما وبينها، وحوارا عميقا بين القصائل ومجمل الشعب الفلسطيني.

ويبقى “الطريق الوحيد لحسم الخلافات هو اعتماد الحوار الوطني العميق وانتهاجالخيار الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، باعتباره المدخل الحقيقي لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس وطنية وشعبية سليمة”.

 

27.10.2025

إغلاق