مقالات

آداب الطعام في ضوء السنة النبوية بقلم أ.د. عبد الحفيظ الندوي

الطعام والشراب هما من أعظم نعم الله التي منّ بها على عباده، وهما رزق كريم تفضل به علينا. إنّ آداب تناول الطعام لا تقتصر على مجرد الأكل والشرب، بل هي جزء من شكر النعمة واحترام الرازق سبحانه وتعالى.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في كل أفعاله، ومنها تعامله مع الطعام. فقد ورد في الحديث الشريف:

«ما عاب رسولُ اللهِ ﷺ طعامًا قط، إنِ اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه».

هذا الموقف النبوي ليس مجرد سلوك فردي، بل هو درس عظيم في التقدير والشكر. إنّ من يعيب طعامًا كرهه، فكأنه يرفض رزق الله، ويتعدى على نعمته، وهذا من سوء الأدب مع الخالق. فما قد يراه شخص لا يشتهيه، قد يكون محببًا لغيره، ونعم الله لا تُنتقد أو تُعاب.

ولذلك، كان صلى الله عليه وسلم إذا اشتهى الطعام أكله، وإذا لم يحبه تركه دون أن ينطق بكلمة سوء عنه. وهذا يعكس أدبه الرفيع مع الله تعالى، حيث لم يكن يظهر الكراهية لما رزقه إياه. هذا السلوك يرسخ في النفس قيمة الشكر والحمد الدائم على نعم الله، لأننا لا نملك أي حق في أن نطلب منه شيئًا، بل هو المتفضل بالجود، والعادل في المنع.

إنّ رعاية النعم وعدم الاستهانة بها هي من الأسباب التي تحفظها وتمنع زوالها، كما أن هذا الخلق الرفيع يدل على عظمة النفس وحسن تربيتها. فالحياة كلها مدرسة، وكل تصرف فيها يمكن أن يكون عبادة إذا اقترن بالنية الصالحة والأدب مع الله.

إغلاق